حظيت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية باهتمام كبير في روسيا وأوكرانيا، حيث أثار فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب توقعات متباينة بشأن تأثيراته المرتقبة على الحرب المستمرة بين موسكو وكييف. رأى العديد من المراقبين الروس في هذا الفوز فرصة جديدة لتحسين علاقاتهم مع الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن الكرملين يعتبر ترامب مفاوضاً مناسباً. وفي ظل عدم وضوح سياسة ترامب تجاه روسيا بشكل محدد، يأمل البعض أن يتبنى نهجاً أكثر واقعية يعتمد على تقليل التوترات والتركيز على المصالح الداخلية.
من جهة أخرى، جادل المحللون بأن السياسة الخارجية الأميركية تحت إدارة ترامب قد تشهد تخفيفاً جزئياً للعقوبات المفروضة على موسكو، مما قد يتيح فرصاً لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. إلا أن الدوائر الأميركية أشارت إلى أن رفع العقوبات بالكامل غير مرجح بسبب الضغوط التي تمارسها إدارة الكونغرس. كما عبر الكتاب الروس عن أملهم في أن يؤدي نهج ترامب في السياسة الخارجية إلى تخفيض النشاط العسكري لحلف شمال الأطلسي بالقرب من الحدود الروسية، ويتيح لموسكو التركيز على القضايا الاقتصادية بدلاً من التهديدات العسكرية الواضحة.
ولكن في أوكرانيا، كانت ردود الفعل أكثر تشاؤماً، حيث اعتبر العديد من المسؤولين أن فوز ترامب قد يؤدي إلى تدهور الدعم الأميركي العسكري والمالي لدولتهم. وقد أبدى الرئيس زيلينسكي قلقه من الاستجابة المحتملة لرئيس الولايات المتحدة الجديد، والذي قد يؤثر سلباً على دعم بلاده وسط الصراع الدائر مع روسيا. فضلاً عن ذلك، قيل إن فوز ترامب يستحضر إمكانية توقف المساعدات المالية التي تعتمد عليها أوكرانيا، مما يزيد من القلق بشأن الاستمرارية الاقتصادية.
وفي الوقت نفسه، أشار بعض المحللين إلى مخاوف أكبر في حال تمكن الجمهوريون من السيطرة على كل الفروع الحكومية، مما يمنح ترامب سطوة أكبر في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية. وقد يؤجج هذا الأمر الأزمات السياسية المحتملة في الولايات المتحدة، مما سيزيد من خطر فقدان الدعم الأميركي لأوكرانيا ويمنح الفرصة لموسكو لتعزيز موقفها في الصراع القائم.
ومع ذلك، يوجد بعض الأصوات القليلة التي تنظر إلى هذا الوضع كفرصة جديدة لأوكرانيا. يرى البعض أن الرئيس زيلينسكي قد يتمكن من كسب دعم ترامب، مشيرين إلى أنه من الضروري التفرقة بين “ترامب المرشح” و”ترامب الرئيس”، حيث إن توليه الرئاسة قد يجعله أكثر إدراكاً للمعطيات السياسية والاقتصادية. وقد أشار البعض إلى التجربة السابقة لترمب في بيع أسلحة لأوكرانيا كدليل على إمكانية تحسن العلاقات بين البلدين إذا تم إدارة الموقف بحذر.
أخيرًا، في ضوء هذه التغيرات السياسية المتوقعة، يبدو أن أوكرانيا ستواجه تحديات كبيرة في مقاربة ترامب الجديدة. ولذا يتوجب على كييف تبني استراتيجيات مرنة لمواجهة السيناريوهات المحتملة، بينما تعمل على دعم علاقاتها الدولية وتعزيز قدراتها الاقتصادية. سيكون من الضروري مراقبة سلسلة الأحداث القادمة والاستجابة لها بطريقة تسمح لأوكرانيا بالحفاظ على مصالحها في مواجهة أي تغييرات جذرية في السياسة الأميركية المحتملة.