أكد تقرير لمجلة “فورين بوليسي” أن اغتيال إسرائيل ليحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، لن يؤدي إلا إلى تفاقم شدة الحركة. حيث يعتبر الكاتب ستيفين كوك، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن قتل القادة لا يرفع من أسهم الدولة التي قامت بعملية الاغتيال، بل هو بمثابة تكريس لثقافة المقاومة. يذكر كوك أن التاريخ يثبت عدم جدوى محاولة القضاء على حركات المقاومة عبر تصفية قادتها، حيث إن تلك التحركات تتجذر في الهوية والرغبة في التصدي للظلم.
السنوار، الذي يعتبر رمزًا للمقاومة في نظر عناصر حماس، كان يرغب في أن يموت خلال معركة، مؤكدًا على أن ذلك من شأنه أن يعزز من موقف الحركة في وجه الاحتلال. وهذا يعود لكون المقاومة مرادفة للوجود الحضاري للشعوب التي تتعرض للاضطهاد، وليس مجرد مشروع سياسي، لذا فإن قتل رموز المقاومة لن يؤدي إلا إلى تعزيز القناعات والإرادة لدى الأعضاء.
وفي سياق تحذيراته، دعا كوك الإسرائيليين إلى عدم الانشغال بالاحتفالات واحتساء المشروبات، محذرًا إياهم من ذكرى مؤسسي حماس مثل أحمد ياسين والتنظيمات الأخرى التي تم اغتيال قياداتها، مما يشير إلى أن تلك الأغتيالات لم تؤدِ إلى إضعاف حيويتها. بل إن التاريخ أثبت أن المقاومة تتجدد أو تتضاعف بعد كل عملية اغتيال، مما يعكس قوة الإرادة في مواجهة الاحتلال.
كما يشير كوك إلى أن تكتيك إسرائيل في محاولة الحد من تأثير الحركات الإسلامية من خلال استهداف قادتها يعد بمثابة خطأ استراتيجي، مشبهاً ذلك بالاستراتيجية الأميركية بعد هجمات 11 سبتمبر، حيث رغم نجاح الولايات المتحدة في قتل قادة تنظيم القاعدة، فإن التنظيم استمر في تهديد الأمن العالمي. هذا يدل على أنه لا يمكن كسر شوكة الحركات المقاومة عبر عمليات تصفية قيادية، حيث تبقى تلك الحركات قادرة على الانبعاث من جديد.
ويؤكد الكاتب أن قتل السنوار، بدل من كسر حماس، سيؤدي إلى إشعال مشاعر الانتقام والغضب بين أعضائها، وذلك حتى وإن كانت حركة الإخوان المسلمين لم تتأثر بعملية اغتيال مؤسسها حسن البنا. لذا فإن كل محاولة لإضعاف حركات المقاومة عبر عمليات اغتيال مشابهة ستعود بالنتائج العكسية، مما يؤدي إلى زيادة التجذّر والتعزيز لفكرة المقاومة بين الأفراد.
في نهاية المطاف، يشدد كوك على أن استراتيجية إسرائيل القائمة على تصفية القادة لن تثمر عن نتائج إيجابية، بل ستؤدي إلى استمرار ذات الديناميكيات القتالية، إما عبر أشخاص جدد يتصدرون المشهد، أو من خلال تصعيد الحالة الجماهيرية في المجتمع المقاوم. هذا ينبه إلى أن المسار السابق في التعامل مع المقاومة عبر العنف والقوة العسكرية قد جلب نتائج معاكسة تمامًا لما كانت تأمله إسرائيل، ويبقى اختبار الزمن هو الحكم فيما يتعلق بمستقبل المقاومة جميعها.