تتعلق القضية الحالية بالمناضل اللبناني جورج إبراهيم عبد الله، الذي يُعتبر أقدم سجين مرتبط بالصراع الفلسطيني بعد قضائه 40 عاماً في السجن الفرنسي. في الجلسة الأخيرة التي عُقدت يوم الاثنين، تم التطرق إلى طلب الإفراج المشروط عنه، الذي قوبل برفض متكرر من قبل النيابة العامة. محاميه، جان لوي شالانسيه، أشار إلى أن النيابة تهدف إلى إبقاء عبد الله في السجن، حيث تؤكد على ضرورة احتجازه بدعوى أنه يمثل خطراً على الأمن، مشيراً إلى أن المقاربة القانونية في تلك القضية تبدو مشوبة بالأبعاد السياسية.
يُعتبر جورج عبد الله، البالغ من العمر 73 عامًا، شخصية رمزية لنضال الفلسطينيين. أُدين عام 1987 بالتواطؤ في عمليات اغتيال تشمل دبلوماسيين إسرائيليين وأميركيين. لكن الدفاع عن عبد الله يرى أن مبررات استمرار سجنه غير قائمة، حيث يشير إلى عدم واقعية الحجج المدعومة بأدلة واهية من قبل المخابرات الفرنسية التي تركزت على اعتناق عبد الله للإسلام، وهو ما اعتبره المحامي محاولة لتطويع الحقائق الإرهاب السياسي.
لقد تأثرت مستجدات القضية بعوامل خارجية قوية، فطالما ما تدخلت جهات دولية، بما في ذلك السفارات الأميركية والإسرائيلية، لإعاقة الإفراج عنه، حيث منعت فرنسا الإفراج عنه رغم صدور حكم مسبق بذلك في 2013. كما قام بعض الشخصيات السياسية، بما فيها هيلاري كلينتون، بالضغط للتأثير على مسار القضية. يقول محاميه إن هذا يؤكد وجود رغبة واضحة من الدولة الفرنسية في عدم إطلاق سراحه.
القضية تعود مؤخرًا إلى الواجهة في ظل الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، حيث يُستخدم الصراع الحالي كذريعة لتجديد المخاوف من تكرار السلوكيات العدائية إذا أُطلق سراح عبد الله. يؤكد المحامي شالانسيه أن هذه الحجج تفتقر إلى أي أساس واقعي، مشيراً إلى أن تصورات النيابة العامة تتسم بالتعصب، حيث تم رسم عبد الله في صورة “الإرهابي” على الرغم من كونه مقاوماً.
تُتهم السلطات الفرنسية بتسيس المحاكمات، حيث يُنظر إلى الأسس الأيديولوجية باعتبارها محورية في تقديم الحجج ضد الإفراج عن عبد الله. توضح هذه القضية تمازج السياسة والقانون، إذ يشير المحامي إلى أن هناك استخداماً للموقف الأيديولوجي في التصدي للمعارضة المتمثلة في نضال منظمات مثل “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.
في النهاية، تمثل قضية جورج عبد الله أحد أبرز الأمثلة على تعقيدات العدل والسلام في النزاعات السياسية، والغموض الذي يكتنف الإجراءات القانونية التي تفتقر إلى الشفافية. سيظل الصراع من أجل حريته مستمراً، وسط دعم متزايد من جماعات حقوق الإنسان والنشطاء، الذين يعتبرونه رمزاً للأمل والمعاناة في آن واحد.