نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرًا يتناول تفاصيل انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة والتي جرت بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة من الولايات المتحدة ومصر وقطر. وأشار التقرير إلى أن التوقعات كانت تشير لنجاح الجولة التي عُقدت في روما في يوليو/تموز الماضي، إلا أن الأمور لم تسر كما تم التخطيط. فقد كان فريق الوساطة الثلاثي، الذي يضم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، متفائلًا بأنه قد يحقق تقدمًا نحو وقف إطلاق النار.
يتعلق الأمر بمساعي الفرق الثلاثة للضغط على الجانبين لقبول شروط تتضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وتحقيق وقف دائم للقتال. وقد أتى وجود هؤلاء الوسطاء نتيجة لعلاقات طويلة الأمد، حيث كان بيرنز دبلوماسيًا محنكًا، بينما ساعد الشيخ محمد في تعزيز دور قطر كوسيط، في حين كان كامل يتعامل عادة وراء الكواليس كصانع للسلام. في هذا السياق، كانت مصر تأخذ في الاعتبار المخاوف من نية إسرائيل لإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة.
رغم الأجواء التفاؤلية في بداية المفاوضات، سادت الأجواء المتوترة بسبب تراجع الموقف الإسرائيلي، حيث كانت العقبة الرئيسية تتمثل في منطقة تتواجد على الحدود بين غزة ومصر. فقد تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تعهداته بسحب القوات من ممر فيلادلفيا، ما أدى إلى تفاقم الموقف. وبعد مرور ثلاثة أيام من المفاوضات، ازدادت الأمور تحققاً من خلال اغتيال هنية في طهران.
وتقوضت مجددًا الآمال بتحقيق تسوية دائمة، حيث تبين أن نتنياهو لم يكن ينوي تبني وقف إطلاق النار وكان يسعى لإفشال جهود السلام. وصار evident أن شروطًا جديدة كانت تطرح بشكل متكرر، مما عرقل المفاوضات. وبمرور الزمن، أصبحت المحادثات في حالة موت سريري دون أي أفق واضح لمستقبلها، مما زاد من حدة التوتر في المنطقة.
بالرغم من الأوقات العصيبة، أصر المسؤولون الأمريكيون على البدء بمحاولة أخيرة لإحياء المحادثات، لكن المنطقة كانت تشهد تصعيدًا واضحًا في أعمال العنف، بما في ذلك هجمات إيران الانتقامية. وفي حين رمت إسرائيل والولايات المتحدة باللوم على حماس في فشل المفاوضات، كانت قطر ومصر تلقيان اللوم على نتنياهو باعتباره المعطل الرئيس للعملية. وقد زعموا أن ذلك يهدف إلى تضليل الرأي العام.
حتى الأوساط الإسرائيلية لم تكن بعيدة عن عدم الرضا، حيث بدا أن وزراء الدفاع وأعضاء آخرين في الفريق التفاوضي يحملون نتنياهو جزءًا من اللوم. وقد اختتم التقرير بتصريح من آرون ديفيد ميلر، الذي أشار إلى أن كل المفاوضات السابقة بين العرب وإسرائيل كانت ناجحة عندما كان صانعي القرار الرئيسيين في عجلة من أمرهم، بينما الآن يبدو أنه لا يوجد شعور بالعجلة.