تصريحات بنيامين نتنياهو الأخيرة تشير إلى عزيمته على مواصلة العمليات العسكرية ضد حزب الله في لبنان بلا رحمة ودون أي تردد، في إشارة قوية إلى عدم قبوله بأي مبادرات لوقف الحرب. وقد ازداد التركيز على تصعيد الهجمات ضد المدن الإسرائيلية والضحايا المتزايدة من الجانب الإسرائيلي، مما يعكس تعقيد الأوضاع العسكرية والأمنية بشكل متزايد. ويرى محللون أن نتنياهو مصمم على مواصلة الحرب حتى يحقق ما يراه نصراً، مُستحضرًا في ذلك تجاربه السابقة في غزة وتوجسه من تكرار تلك الظروف في لبنان.
في سياق متصل، يعتبر عاموس هاريل من صحيفة هآرتس أن استقرار الوضع السياسي لنتنياهو وغياب الضغوط الأمريكية يعمق من استثماره في الحرب، مشيرًا إلى أن تلك الاعتبارات قد تجعله يمضي قدماً في العمليات العسكرية على الرغم من تكلفتها العالية. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ضغوط إنسانية واقتصادية قد تكون لها تبعات وخيمة على المجتمع الإسرائيلي بأسره. لكن على الرغم من الانتقادات من قبل محللين آخرين، يتجه نتنياهو إلى تغيير قواعد الردع في الصراع، مما يُشعر المجتمع الإسرائيلي بأنه ملزم بالتحمل في سبيل أمن البلاد.
إضافة إلى ذلك، أشار المحلل نحميا شتراسل إلى أن توجه نتنياهو نحو “الحرب الدائمة” يُعَدّ تهوراً كبيراً يعرض كل جوانب الحياة في إسرائيل للخطر. وبالرغم من التكلفة الباهظة للحرب، يبدو أن نتنياهو يراهن على أن هذه السياسات الدفاعية ستؤدي إلى نتائج إيجابية، وهو يفكر في تحقيق أمن دائم ينهي النزاعات العسكرية في المستقبل. في زيارته إلى القاعدة المستهدفة، أُكد أن الجيش الإسرائيلي سيواصل ضرب حزب الله في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك العاصمة بيروت.
في هذه الأثناء، يستمر النشاط العسكري لإسرائيل في ظل غياب أي ضغوط دولية حقيقية، مما يعطي لنتنياهو حرية أكبر في اتخاذ قرارات قد تكون مكلفة. المحللون يعتقدون أن الحرب قد تتسع لتحمل كلفة أكبر على الصعيدين البشري والعسكري، في محاولة لجر الولايات المتحدة إلى صراع أوسع في المنطقة. هذه الدوافع قد تدفع نتنياهو إلى اتخاذ قرارات خطيرة، من شأنها أن تزيد من تعقيد الأوضاع وليس فقط في لبنان، بل في عموم المنطقة.
تمثل الأهداف التي يسعى نتنياهو لتحقيقها جزءاً من تصور أكبر للشرق الأوسط الجديد، حيث تتشابك قضايا غزة والضفة الغربية ولبنان وإيران في استراتيجياته الأمنية. ومع تزايد الخسائر الإسرائيلية، لا يبدو أن هناك أي مؤشرات على تحقيق مكاسب حقيقية. وتأمل تقارير أن معركة عنيفة محتملة قد تلمح لسيناريوهات أكثر سوءاً، وتسيطر على المشهد في السنوات المقبلة، خصوصًا إذا اندلعت مواجهة مفتوحة مع إيران.
أخيرًا، إن الرهان على احتواء الأزمة الداخلية في لبنان قد يُعتبر أحد الأهداف الاستراتيجية لنتنياهو، حيث يسعى لتفجير التوترات بين مختلف الفصائل اللبنانية، مما قد يؤدي إلى إشعال حرب أهلية تساهم في إضعاف حزب الله في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لزيادة تأثيرها الاستراتيجي في المنطقة. تلك المناورات توضح أن نتنياهو لن يتراجع بسهولة عن خططه العسكرية، بل قد يسعى إلى تحقيق أهدافه بالرغم من العقبات الكبيرة التي تواجهه، مما يضيف إلى الأعباء الإنسانية والسياسية في لبنان وإسرائيل.