عبر العام الماضي، شهد قطاع غزة تصاعدًا في الهجمات الإسرائيلية الموجهة ضد عمال الإغاثة، حيث استهدفتهم إسرائيل بشكل متعمد في محاولة لإبعادهم عن عملهم الإنساني. وفقًا للأمم المتحدة، قُتل نحو 300 من هؤلاء العمال في غارات شنتها إسرائيل، كان آخرها مقتل أربعة عمال كانوا يعملون لصالح منظمة الإغاثة الأميركية (أنيرا) في 29 أغسطس الماضي. هذا النوع من الاستهداف يشير إلى استراتيجية إسرائيلية أكبر تهدف إلى تقويض جهود الإغاثة في القطاع.
مخطط “الإبادة الجماعية” الذي تتبناه إسرائيل يهدف إلى تقليل المساعدات الإنسانية والتحكم في تدفقها إلى سكان غزة، كما يرى عزام أبو العدس، المحلل السياسي. يعتبر استهداف موظفي الإغاثة جزءًا من خطة إسرائيل للسيطرة الكاملة على الفلسطينيين ومنع الدعم الإنساني عنهم. فهو يرى أن الاستهداف يحمل رسالة واضحة: حرمان سكان غزة من أساسيات الحياة، مما قد يدفعهم للهجرة بعيدًا عن وطنهم.
علاوة على ذلك، يشير أبو العدس إلى أن الخطة التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية بخصوص توزيع المساعدات بدلاً من منظمات الإغاثة تعكس اعتقادًا لدى إسرائيل بأن من يمتلك الغذاء يمتلك القوة. ورغم المحاولات، يرى أن هذه الاستراتيجية محكومة بالفشل لأنها تحتاج إلى تعاون من جهات محلية فلسطينية، وهو أمر غير قابل للتحقق في ظل الظروف الراهنة.
أما المحلل السياسي أشرف بدر، فيرى أن استهداف عمال الإغاثة هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى ضرب المجتمع الفلسطيني بأسره، حيث تعتبره إسرائيل عدوًا محتملًا. بناءً عليه، تستهدف إسرائيل جميع من يقدم المساعدة للسكان بهدف الضغط على حركة “حماس” ودفعها نحو الاستسلام. بدر يعبر عن مخاوفه من أن تكون هناك محاولات لتقويض دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كونها توفر الدعم للسكان وتعزز قدرتهم على الصمود.
في ظل هذا الوضع، يواجه المجتمع الدولي تحديًا في رد فعله على الانتهاكات الإسرائيلية. أبو العدس يشير إلى أن التدخلات من المحكمة الجنائية الدولية ستظل دون تأثر عملي بسبب الافتقار إلى الإرادة الدولية الملموسة. وبدر يضيف أن المواقف الفردية قد تعكس نفوذًا دوليًا ضعيفًا تجاه القضية الفلسطينية.
رغم مضي أكثر من 40 عامًا على الاحتلال، يبدو أن إسرائيل لم تتغير في منظورها تجاه الفلسطينيين، حيث تستمر في النظر إليهم كمصدر للتهديد. على الرغم من فشل الجهود السابقة لتهجير الفلسطينيين بشكل جماعي، تبقى السياسات الإسرائيلية مستمرة في محاولة تغيير التركيبة السكانية لقطاع غزة ونشر الفوضى بين السكان.