بعد عام من “طوفان الأقصى”، لا تزال تداعيات هذا الهجوم تتردد في الأوساط الإسرائيلية، حيث أثرت بشكل عميق على المجتمع والدولة. عانت إسرائيل من إخفاقات شاملة على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية. تراجعت الشرعية الدولية لإسرائيل بشكل ملحوظ، وزادت الانقسامات الداخلية، مما أدى إلى عمليات هجرة عكسية لأفراد من المجتمع الإسرائيلي بسبب تراجع الشعور بالأمان. الممارسات العسكرية العنيفة في غزة، والتي قوبلت بانتقادات دولية، ساهمت بدورها في تآكل صورة إسرائيل كدولة تتمتع بالردع.

عام الطوفان شهد أكبر تآكل للشرعية الدولية لإسرائيل منذ تأسيسها، حيث ارتكبت جرائم غير مسبوقة أدت إلى تحركات واسعة في مختلف دول العالم تندد بممارسات الاحتلال. كما دفعت تلك الجرائم العديد من المؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية في الولايات المتحدة وأوروبا إلى اتخاذ مواقف تعكس تراجع الدعم الشعبي للإسرائليين، بما في ذلك تصاعد مطالبات بإنهاء الدعم العسكري لإسرائيل. أظهر استطلاع أجرته “جيروزاليم بوست” أن نسبة كبيرة من الشباب الأمريكي يرون أن مستقبل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يتطلب “إنهاء إسرائيل”.

طالت تأثيرات ذلك المزاج الشعبي بعض الدول التي بدأت في اتخاذ مواقف أكثر حذراً، حيث أصدرت بعض الحكومات الأوروبية أوامر بوقف مبيعات السلاح إلى إسرائيل، مثل هولندا وبلجيكا وكندا. إسبانيا وإيطاليا أعلنا أيضًا وقف تصدير الأسلحة، على عكس الولايات المتحدة التي استمرت في دعمها لإسرائيل. هذه الخلافات تعكس التغيرات الجذرية في المواقف الدولية تجاه الصراع، وأظهرت كيف أن تطورات الوضع في غزة قد تسببت في استجابة دولية ملحوظة.

في السياق نفسه، وقعت العديد من الأحداث التي جعلت من إسرائيل دولة تتحدى المؤسسات الدولية كالتحقيقات الجنائية التي أطلقتها المحكمة الجنائية الدولية. تحدت إسرائيل القرارات الأممية المتعلقة بالنزاع في غزة وأظهرت انتهاكها للقانون الدولي عبر مواصلة العمليات العسكرية. وقد ساهمت تلك الأفعال في زيادة الضغوط على إسرائيل، حيث طلبت الأمم المتحدة التوضيح بشأن تأثير الاحتلال على الأراضي الفلسطينية وأصدرت تعليمات لعملية انسحاب الاحتلال.

أدى الصراع إلى تفاقم الانقسامات الداخلية في إسرائيل، بما في ذلك الانقسامات السياسية والاجتماعية. ظهور المعارضة السياسية بسبب إدارة نتنياهو للحرب، بالإضافة إلى احتجاجات نجم عنها انتقادات حادة لحكومته، وأثارت حالة من الاستياء بين قطاعات واسعة من المجتمع. هذه الانقسامات تشير إلى أن الساسة الإسرائيليين يواجهون تحديات داخلية كبيرة قد تؤثر على استقرار الدولة.

على الصعيد الإقليمي، تراجع مسار التطبيع مع الدول العربية مثل السعودية والإمارات، التي أبدت تراجعًا واضحًا في دعمها لإسرائيل. إذ تغيرت الظروف السياسية وترسخت مشاعر الاستياء، مما جعل العديد من الدول تعيد تقييم علاقاتها مع تل أبيب نتيجة للأحداث في غزة. وقد أثار ذلك تساؤلات حول فعالية الاتفاقيات السابقة وتوجه الحكومات العربية الجديدة نحو التعامل مع قضية فلسطين.

أخيرًا، مع استمرار الحرب، ظهرت ثغرات في الجدار الأمني الذي ظلت إسرائيل تعتقد أنه مانع من دخول المخاطر. أظهرت الإحصائيات أن الحرب جاءت بتكلفة بشرية كبيرة، مما أثر على الشعور بالأمان لدى الإسرائيليين وأدى إلى موجة هجرة عكسية. كما استمرت الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لضمان استعادة مكانتها كداعم في المنطقة بدلاً من كونها عبئًا دوليًا، مما أدى إلى تراجع مكانتها السياسية والاقتصادية وزيادة المخاطر المستقبلية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.