تعيش عائلة البرعاوي في غزة تجربة مأساوية وسط الحرب المستمرة، حيث بدأت قصتهم في صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. استيقظت نعمة البرعاوي التي تبلغ من العمر 36 عاماً في وقت مبكر لتحضير أطفالها للمدرسة كما تفعل كل يوم، لكن سرعان ما تعكرت الأجواء بسمعها صوت الصواريخ التي أطلقتها حركة حماس باتجاه إسرائيل. ومع شائعات تصاعد التوتر عن اختراق حدود إسرائيل، قررت نعمة إبقاء أطفالها الخمسة في المنزل خشية من رد فعل عسكري عنيف. تحت تأثير الشعور بالخطر، بدأت بجمع الوثائق المهمة وبعض الملابس، مستشعرة بأن الوضع يتجه نحو الأسوأ.

عندما اندلعت الاشتباكات وتصاعدت الاشتباكات العسكرية، كان ابن أخي نعمة، يوسف، البالغ من العمر 22 عاماً، يستعد للذهاب إلى جامعته لدراسة الطب. لكن وقع الصواريخ غيّر مسار حياته بالكامل، حيث علق يوسف على تلك اللحظة قائلاً: “ما زلنا لا نعرف إن كان ما نعيشه اليوم حلماً أم واقعاً”. وبعد أسبوع من بداية الحرب، أُجبر سكان بيت لاهيا على الفرار، لكن نعمة قررت الانتقال إلى الجنوب مع أطفالها بينما بقي زوجها ورائها لرعاية والديه المسنين، وكذلك يوسف الذي فضل البقاء لمساعدة الآخرين كطبيب.

بعد فترة من النجاة، تعرض يوسف لحدث مأساوي آخر عند عودته إلى منزله بحثاً عن شبكة إنترنت أفضل. في صباح أحد الأيام، وقع انفجار كبير هز الأرض، مما أدى إلى تدمير منزله بالكامل. عندما هرع يوسف إلى البيت، وجد نفسه متجمدًا في مكانه، حيث أصبح منزله قبراً لعائلته. فقد 30 فرداً من عائلته في تلك اللحظة، بما في ذلك والديه وأقاربه، وأوضح يوسف أنه قضى ساعات في استخراج جثث عائلته، في مشهد مؤلم وصعب للاحتواء.

وتواصلت مأساة العائلة حين تلقت نعمة خبر استشهاد جميع أفراد عائلتها من قريب لها، فما كان منها إلا أن ظلت تبحث عن المزيد من التفاصيل حول الحادثة المروعة. في ذلك الوقت، كانت تعيش لحظات مملوءة بالخوف والذعر، وكانت تتنقل بين الخيم باحثةً عن أي معلومة تخص عائلتها، حتى وصلها الخبر الأليم: “لم يبق أحد”. يعكس هذا الوضع المأساوي الواقع الذي تعاني منه العديد من العائلات في غزة، حيث تفقد عائلات بأكملها أفرادها في لحظات مؤلمة.

لقد مرت سنة على تلك الأحداث، ولا يزال الناجون من عائلة البرعاوي يعيشون في ذكريات مؤلمة عن الحياة التي كانت لديهم قبل الحرب. كانت حياتهم مليئة بالنشاط والبهجة، تضم الخضروات والزهور والأعياد والمناسبات العائلية. نعمة، رغم الألم الكبير، تحاول دعم أطفالها وتربيةهم على أمل العودة لنمط الحياة السابقة، حيث تؤكد أن عليهم المضي قدماً متحدين القسوة التي عاشوها. تقول: “أكثر ما يقلقني الآن هو أن تستمر هذه الحرب لفترة أطول”.

أما يوسف، فهو يحاول بناء حياته من جديد من خلال التطوع في مستشفى خان يونس، رغم ما يعانيه من ألم مستمر بسبب فقدان عائلته. يعاني من صراعات يومية بين الذكريات والألم، لكنه يعبر عن شكره للعيش في هذه الظروف القاسية. وفي الجراحة التي نعيشها مع عائلة البرعاوي، يتضح أن هناك العديد من العائلات الفلسطينية التي واجهت ذات المأساة، حيث وجدت إحصائيات أن أكثر من 60 عائلة فقدت بالفعل أكثر من 25 شخصاً في الحرب، مما يعكس حجم الفاجعة والمعاناة التي شهدتها غزة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version