في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، يعاني الفلسطينيون من واقع مؤلم يتمثل في الحصار والاحتلال. يتجلى هذا الواقع من خلال تجربة أبو جمال صالح، الذي شاهد جاره الطبيب ناصر حمودة وابنه أحمد يخرجان في محاولة للحصول على الماء. وقد أدرك صالح أن هذه المجازفة قد تؤدي إلى الموت على يد قناصة الاحتلال. وبالفعل، وقع ما كان يخشاه، حيث استشهد الطبيب وابنه برصاص القناصة، وبقيا في الشارع تحت الأعين العاجزة عن فعل أي شيء. تعبير مظلم عن الوضع الإنساني في غزة في ظل الانتهاكات المتزايدة والمجازر اليومية التي تودى بحياة الأبرياء.
يعاني أبو جمال صالح وعائلته المكونة من 20 فرداً، من قلة الطعام والشراب، حيث مر أسبوع كامل منذ آخر وجبة تناولها أفراد أسرته، والتي كانت خبزاً جافاً. لهذا الحق الذي يجب أن يتمتع به أي إنسان، نجد أنهم مضطرون للاعتماد على مياه غير نظيفة، وهذا يزيد من التوتر والضغط النفسي والمعنوي على الأسر المحاصرة. كما يطرح صالح نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي والهيئات الإنسانية للمساعدة في إنقاذهم مما يصفه بالحصار القاتل.
تتفاقم معاناة غزة طيلة الأيام الأخيرة، حيث تواصل الطائرات المسيّرة تنفيذ هجمات مميتة، مستهدفة الناس في شوارعهم ومنازلهم، بل إن الحصار يطال حتى الحق في الهروب نحو الأمان. يشير صالح إلى أن كل من يجرؤ على مغادرة منزله يعرض نفسه لخطر الموت. وهذا الإحساس بالذعر والقلق المستمر يدفع الكثير من العائلات إلى الاعتزال في منازلهم، رغم قلة المؤن.
تصور شقيقة صالح مشهد الأطفال الذين يعانون من الجوع والعطش، وتقول إنهم على وشك الموت، محذرة من المآسي التي وقعت في الحي المجاور، من عمليات قتل غير مبررة، بما فيها قتل طفلة معاقة بمجرد أنها نادت طلباً للمساعدة. تتحدث بصوت يأخذ منه التعب الكثير، حيث لم يكن بإمكانها تقديم أي من المساعدات لذويها ومعارفها بسبب الخطر المستمر الذي يحيط بهم.
تسرد آمنة، الشقيقة، قصة مأساة قريبة تعكس الأوضاع الكارثية، مشيرة إلى مقتل العديد من أفراد الأسرة في السابق، مما يدل على استمرار العنف وغياب الأمن في حياتهم. تقول إنهم يعيشون تحت وطأة الخوف والترقب، حيث تسيطر غريزة البقاء على تفكيرهم، وكأن كل لحظة قد تكون الأخيرة. أسرتها تعاني من الفقر الشديد والتشريد، والعوز هو شعور يتعمق كلما مر الوقت.
باختصار، إن واقع الحياة في غزة هو مأساة إنسانية متكاملة، حيث يتم استهداف حياة البشر الأساسية في العيش الكريم من قبل آلة الحرب الإسرائيلية. المخاوف من الموت تعكر صفو الحياة اليومية، حيث الجوع والعطش هما القاسم المشترك بين الأسر المحاصرة. ومع ذلك، تبقى مناشدات الأسر متواصلة، وانتظار الفرج الذي يبدو بعيداً، في الوقت الذي تتعرض فيه أرواحهم وأجسادهم للقصف والموت.