تتجه الأنظار نحو وزارة الدفاع البريطانية بعد التقارير التي تشير إلى إمكانية استخدام طائرات التجسس التابعة للقوات الجوية الملكية كأدلة ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية. منذ بداية العدوان على غزة، تقوم الطائرات البريطانية غير المسلحة مثل طائرة “شادو آر 1” بمراقبة الأوضاع بشكل شبه يومي، حيث تجمع المعلومات الاستخباراتية والصور الجوية بدقة عالية من خلال أجهزة استشعار متطورة، مما يتيح لها تتبع الحركات في الشوارع والمباني. وقد أكد مسؤول عسكري أن البيانات يتم تحليلها إما على متن الطائرة أو عبر الأقمار الصناعية لوقت لاحق. أظهرت التقارير أن وزارة الدفاع نفذت حوالي 250 رحلة لمراقبة غزة خلال النصف الأول من عام 2024، مع الإشارة إلى هبوط أحد الطائرات في القاعدة العسكرية الإسرائيلية والذي يثير تساؤلات حول التعاون الاستخباراتي بين بريطانيا وإسرائيل.
تتزايد المخاوف في بريطانيا بعد تعرض مدنيين، بينهم مواطنون من عمال الإغاثة في “المطبخ العالمي”، للاعتداء أثناء قيامهم بمهمة إغاثية في غزة. هذه الأحداث دفعت عائلات الضحايا إلى المطالبة بفتح تحقيقات وكشف المعلومات الاستخباراتية التي قد توضح ملابسات الهجمات. وعبرت منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش” عن الحاجة إلى معلومات تدعم التحقيقات حول انتهاكات القانون الدولي، خاصة في ظل وجود ضحايا بريطانيين. يأتي هذا ضمن سياق يتطلب من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومن ضمنها المملكة المتحدة، التعاون في التحقيقات المتعلقة بالجرائم.
تساؤلات عديدة ظهرت حول كيفية استخدام الحكومة البريطانية لهذه المعلومات الاستخباراتية. حيث طالبت بعض الأصوات، مثل مديرة هيومن رايتس ووتش، بأن تقدم الحكومة ضمانات بعدم استخدام المعلومات ضد المدنيين وقوافل الإغاثة، في حال قامت إسرائيل بالحصول عليها. برزت مخاوف من أن المعلومات التي تجمع قد تستخدم لتحديد أهداف مدنية، وهو ما قد يترتب عليه آثار قانونية وخيمة على المملكة المتحدة فيما يخص التواطؤ المحتمل في الجرائم المرتكبة.
في سياق متصل، حذر قانونيون من أن الفشل في التحرك بشكل مناسب قد يعرض السياسيين البريطانيين للمحاسبة الدولية. إذا ثبت أن المعلومات قد استُخدمت في هجمات استهدفت المدنيين، فقد يُعتبر ذلك دليلًا على المشاركة النشطة لبريطانيا في جرائم الحرب. وقد شدد مسؤولون منظمات حقوقية على أنّ المعلومات المجمعة حول غزة يجب أن تستخدم ضمن آليات المساءلة، وتكون جزءًا من التحقيقات لمعاقبة مرتكبي الجرائم.
تتوالى الضغوط على الحكومة البريطانية للامتثال لالتزاماتها الدولية المتعلقة بقضية الأسلحة الموردة لإسرائيل. هناك دعوات لتعليق جميع عمليات نقل الأسلحة حتى تضمن لندن التزام إسرائيل بالقانون الدولي، ويؤكد معارضو تلك العمليات أهمية التحقق من عدم استخدام تلك الأسلحة في انتهاكات ضد المدنيين في غزة. ومع تصاعد القلق، يبدو أن الحكومة تواجه تحديات كبيرة تتعلق بمسؤولياتها في سياق النزاع.
في المحصلة، تفجر الأوضاع الحالية في غزة نقاشات داخلية في بريطانيا حول مسئوليات الحكومة وتوجهاتها بشأن السياسات الخارجية. ومع استمرار الضغوط المحلية والدولية، يبقى الوضع متأرجحًا، ويتعين على الحكومة اتخاذ قرار حاسم يعكس التزامها بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.