في بداية أكتوبر/تشرين الأول، أشعلت تصريحات الرئيس الصيني شي جين بينغ الأجواء، حيث دعا بلاده للاستعداد للحرب وتعزيز قدرات الجيش في الدفاع عن الأمن الإستراتيجي. جاءت هذه التصريحات بالتزامن مع تدريبات عسكرية صينية مكثفة حول جزيرة تايوان، حيث اتُّخذت خطوات ملموسة تشمل نشر مقاتلات وسفن حربية، معبرًا عن تصعيدٍ في التوترات. بعد هذه التحركات، هرع المسؤولون التايوانيون للإعلان عن استعداداتهم لمواجهة أي تهديد، بينما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من هذه المناورات العسكرية. تزداد التعقيدات نتيجة عوامل تتعلق بالانتخابات الأميركية المقبلة ورئاسة تايوان الجديدة، مما يجعل السياقات المحيطة بهذه التوترات أكثر تعقيدًا وثراءً.
تعود جذور الصراع حول تايوان إلى أكثر من سبعة عقود، حين رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بالحكومة الشيوعية التي أسسها ماو تسي تونغ بعد الثورة في 1949، وظلت تدعم النظام القومي في تايوان. ورغم أن الولايات المتحدة اعترفت بجمهورية الصين الشعبية في عام 1978، فإن قانون العلاقات مع تايوان الذي أقر في 1979 منح الجزيرة وضعًا مميزًا يسمح لها بالدفاع عن نفسها، مما جعل تايوان واحدة من أهم ركائز الوجود الأميركي في منطقة الإندو-باسيفيك. يتمثل الهدف الإستراتيجي للولايات المتحدة في احتواء نفوذ الصين ومنعها من أن تصبح قوة مهيمنة، حيث تصف تايوان بأنها جزء من استراتيجية الجزر التي تحيط بالصين.
في سياق الانتخابات الأميركية وحول الرؤى المحتملة للرؤساء المحتملين، يبرز دونالد ترامب وكامالا هاريس كمرشحين مع توجهات مختلفة. يتميز ترامب بنظرة تجارية بحتة، حيث يعتبر الصين منافسًا رئيسيًا، وقد يحقق خطوات تجارية أكثر عدائية عند العودة إلى البيت الأبيض، مما قد يزيد من التوترات مع بكين ويؤدي إلى تصعيد الأوضاع في تايوان. في المقابل، لدى هاريس رؤية أكثر استنادًا إلى التعاون والعلاقات الإنسانية، مما قد يساهم في إقامة إجراءات أكثر توازنًا في العلاقة مع الصين، لكنها في الوقت نفسه قد تزيد التزام واشنطن بالأمن في المنطقة.
تدور الأحداث في تايوان حول خطاب الرئيس الجديد لاي تشينغ تي، الذي اتخذ مواقف صارمة تجاه الصين، حيث أكد على حق تايوان في السيادة والاستقلال. هذا الخطاب أدى إلى استجابة فورية من بكين عبر إجراء مناورات عسكرية غير مسبوقة، تعكس القلق المتزايد من التصعيد نحو تصعيد سكاني. يؤدي الموقف الصيني إلى زيادة الخيارات التكتيكية لدى كلاً من الولايات المتحدة وتايوان، مما يجعل الوضع أكثر حرجًا ويضعها على حافة التصعيد المحتمل.
تعبر تصريحات المسؤولين الصينيين عن موقف صارم تجاه مستقبل العلاقة مع تايوان، إذ تدعي بكين أن تحقيق التوحيد الكامل هو الهدف الأسمى. هذا ترك الأمور في حالة من عدم اليقين، حيث تشير بعض التقارير الاستخباراتية إلى أن الصين قد تستعد لخطوات عسكرية بحلول 2027، بالنظر إلى نتائج حرب أوكرانيا وإمكانية اغتنام الفرصة في حال اعتقدت أن الولايات المتحدة ستتردد في التدخل. هذه التفصيلات تضع لوحة معقدة من الاحتمالات، حيث يتوقف كل شيء على قرارات قيادات الدول وتوازنات القوى.
في الختام، مع تصاعد التوترات في منطقة تايوان واهتمام القوى العظمى بمصالحها، يبقى السؤال حول ما إذا كانت الصين حقًا مستعدة للحرب. على الرغم من التقدم العسكري الذي أحرزته بكين في العقود الأخيرة، لا تزال هناك مخاوف حول استمرارية حرب تكلّف خسائر كبيرة. يمكن اعتبار السيناريوهات السلبية للعالم دائمًا ضمن الاحتمالات، مما يجعل الطرح حول إمكانية نشوب صراع عسكري مستقبلي مفتوحًا ولا يمكن استبعاده تمامًا، حتى وإن اعتبر كأحد أسوأ السيناريوهات.