تشهد مناطق بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا في شمال غزة عملية اجتياح بري من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يترافق مع حصار خانق على المدنيين، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية. هذا الهجوم المستمر منذ خمسة أيام يأتي في إطار عمليات عسكرية واسعة تستهدف كل حركة وحياة في المنطقة، وتبدأ بمسيرات استكشاف تستخدم لإطلاق النيران على أي هدف يُرى، بينما تُمنع الإمدادات الحيوية من الوصول إلى السكان، مما يضعهم في مأزق إنساني شديد. يروي المواطنون تجاربهم المأساوية التي تعكس واقع الحياة تحت القصف، حيث يسعى الكثيرون إلى الهروب إلى مناطق أكثر أمانًا، لكنهم يواجهون الخطر في كل مكان.
أبو يوسف، أحد النازحين، يعبر عن الصعوبة البالغة التي يواجهها سكان المنطقة، حيث أصبح الموت يلاحقهم في أزقة الشوارع. ويشدد على أن الوضع أسوأ بكثير مما يمكن تخيله، إذ تُقصف المنازل بينما الشهداء يتناثرون في الشوارع. يصف كيف أن فرق الإسعاف والدفاع المدني تستهدف بشكل مباشر، مما يحد من قدرتهم على إنقاذ الجرحي. يشعر الجميع بعدم الأمان، حيث تحاصر المسيرات العسكرية المنطقة، ويجعل القصف اليومي الحياة أكثر قسوة.
مع استمرار العمليات العسكرية، الكثيرون، مثل محمد هاني، يعانون من فقدان الأمل في الأمان. يروي لحظات رعب في الشارع، حيث تتساقط القذائف من كل الاتجاهات. يعبر عن ما يعيشه المواطنون من قلق مستمر على حياتهم وأرواحهم، ويشير إلى ضرورة النزوح ولكن دون أي وجهة آمنة. لقد أُجبر السكان على النزوح عدة مرات سابقة، ويعبرون عن انعدام القدرة على التصرف نتيجة الفوضى والخطر المحيط بهم.
معتز أيوب، ضابط إسعاف، يؤكد أن الأوضاع في مخيم جباليا مستمرة في التدهور، ويُشتت قصف الاحتلال الطواقم الطبية. وبسبب استهداف الشوارع والمخارج، يجد السكان أنفسهم محصورين تمامًا ولا يستطيعون الهروب إلى مناطق أكثر أمانا. كما يشير إلى أن الطرق التي كان يمكن استخدامها كمسارات آمنة قد أُغلقت أو تم استهدافها، مما يجبر الناس على مواجهة خيار الهروب وسط السير على حافة الموت.
تشير الأوضاع الصحية إلى كارثة حقيقية، حيث تم إغلاق مستشفى الإندونيسي بالكامل، والأوضاع في مستشفى كمال عدوان مهددة. يبدو أن عدد الجرحى يتجاوز قدرة الطواقم الطبية، مما يزيد من معاناة المصابين. يؤكد أيوب أن استمرارية الحصار على المعونات الإغاثية والوقود قد تؤدي إلى انهيار النظام الصحي بالكامل. كل هذا يحدث في ظل ظروف مليئة بالقلق والخوف، حيث يواجه المواطنون خطر الاستهداف المستمر.
تتعدى المخاطر المعتادة، إذ يزداد الضغط على الرجال والنساء والأطفال الذين يسعون لحياة طبيعية، ويكون مصيرهم مجهولًا. الوضع في محافظة الشمال أصبح نقطة سوداء على خريطة النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، فكل المناطق هناك مُحاطة بمخاطر القصف والإصابات، ولا توجد ضمانات للمستقبل. وفي الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال لتقديم ممر آمن للمدنيين، تظل الحقيقة مختلفة، إذ يُستهدف النازحون في الطريق نفسه، مما يُظهر حجم المأساة التي يعيشها سكان غزة في ظل هذا التصعيد العسكري.