دونالد ترامب، الذي ارتبط اسمه بالمال والأعمال في نيويورك، يعد شخصية بارزة في الوسط المخملي بلا منازع. فقد كان يتواجد بشكل مستمر على صفحات المجلات والصحف المعروفة، مغردًا خارج عالم السياسة حتى دخوله المفاجئ في هذا المجال. عُرف بمشاركته في مجالات متنوعة بدءًا من العقارات ومرورًا بالترفيه لكرة السلة، ونوادي القمار، وصولًا إلى تنظيم مسابقات ملكات الجمال. ومع ذلك، كانت آراؤه السياسية محدودة وكان يميل إلى رؤية القضايا من منظور مالي واقتصادي. وقد أشار بعض من عاصروه إلى افتقاره للثقافة السياسية ومعرفته السطحية بالشؤون الخارجية، حتى أن وزير دفاعه السابق جيمس ماتيس وصف معرفته بأنها كـ “طالب في الصف الخامس”.
عُرف ترامب بكتاباته في مجال التجارة، غير أن مؤلفاته لم تتناول السياسة أو الثقافة بشكل يذكر، بل كانت تدور حول تجاربه الشخصية ورؤيته للنجاح. وتتضمن كتبه الشهيرة عناوين مثل “فن الصفقة” و”كيف تصبح غنيا”، والتي عُرفت بأسلوبها البسيط والمباشر. في هذه المؤلفات، عكس ترامب توجهاته وشخصيته، حيث ساهم أسلوبه غير الرسمي داخل البيت الأبيض في انتقاداته العديدة له وأثر ذلك على طاقمه الذي لم يكن يلتزم بالمعايير المؤسسية أو المهنية في اتخاذ القرارات.
تجسد آراء ترامب أيضاً النزعة القتالية والرغبة في الثأر، كما يتضح من مواقفه تجاه خصومه. فقد عبّر عن إيمانه بأن الرد على أي أذى يتطلب عملًا عنيفًا وسريعًا، وهو ما تجلى في رده على جيف بيزوس، صاحب شركة أمازون. تلك النزعة القوية في شخصيته كانت متأصلة منذ طفولته، حيث نشأ في أسرة صارمة كان والده يفضل عليه إخوته، ما ترك أثرًا عميقًا على شخصيته وطموحاته في السيطرة والتميز.
على الرغم من كونه مرفهًا، إلا أن ترامب عانى من مشاعر الإهمال العاطفي، وهو ما وجدت ماري ترامب، ابنة خاله، أنه قد ساهم في تشكيل نمط شخصيته “النرجسية”. وقد انتقد زملاؤه شخصيته القاسية والمزاجية. ورغم هذه الانتقادات، فقد ساعدته تلك الصفات على كسب دعم كبير وتحقيق شهرة ضمن الحزب الجمهوري، ما جعله مرشحًا رائداً رغم محدودية تجربته السياسية.
كما أن ترامب كان موضوعاً للعديد من الكتب والمقالات تركزت على “جرائمه” وسلوكياته التحريضية. لقد أصبح مثار جدل كبير في الأوساط السياسية والإعلامية نتيجة أسلوبه الشعبوي وتجاهله للقضايا السياسية المعقدة. من جهة أخرى، اعتبر باراك أوباما أن ترامب غير مؤهل لممارسة مهام منصبه، حيث لم يظهر أي اهتمام بإيجاد نقاط التقاء مع الآخرين في الساحة السياسية.
على الرغم من جميع الانتقادات والجدل، نجح ترامب في فرض سلطته على الحزب الجمهوري ودخول سباقات الرئاسة، حيث أصبح منافسًا رئيسيًا في الانتخابات أمام جو بايدن وكمالا هاريس. بإرادته القوية ونزعاته الشخصية، تجاوز كل العوائق، وأصبح رمزًا للعديد من الناخبين الذين وجدوا في شخصيته وفكره تعبيرًا عن طموحاتهم ومخاوفهم. عبر هذا المسار، يُظهر ترامب كيف يمكن لرجل أعمال معروف أن يصبح جزءًا فاعلاً ومؤثرًا في السياسة الأميركية رغم افتقاره إلى الخبرة التقليدية.