نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تفاصيل جديدة تتعلق بخطة إسرائيل المفصلة لتفخيخ أجهزة الاتصالات الخاصة بحزب الله اللبناني، بهدف قتل أو تشويه الآلاف من عناصره. وزعمت الصحيفة أنها حصلت على معلوماتها من مراسليها في عدة عواصم، والذين قاموا بإجراء مقابلات مع مسؤولين أمنيين وزعماء سياسيين من عدة دول، بما في ذلك لبنان. التقرير يسلط الضوء على مخاوف حزب الله من التجسس الإسرائيلي، وكذلك الطرق التي استخدمتها إسرائيل لاختراق الاتصالات ذات الصلة.
خلال العام السابق للهجوم الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر، عمل جهاز المخابرات الإسرائيلية “الموساد” على تطوير أدوات وتقنيات تسهل له اختراق حزب الله، حيث قام بإدخال أجهزة اتصال لاسلكية مفخخة إلى لبنان منذ عام 2015. هذه الأجهزة كانت تحتوي على بطاريات كبيرة ونظام إرسال يمكن الموساد من الوصول إلى اتصالات حزب الله. وعبر هذه السنوات، قام الموساد بالتنصت على الاتصالات دون استخدام الخيار الأكثر دمارًا حتى ظهرت فرص جديدة لتفخيخ أجهزة اتصال أخرى.
في عام 2023، بدأ حزب الله في تلقي عروض لشراء أجهزة “بيجر” من نوع تم تسويقه على أنه لا يحمل أي صلة بمعامل إسرائيل أو أي جهات تابعة لها. وكان العرض قد جاء من امرأة مرتبطة بشركة تصنيع تايوانية تدعي أنها تقدم أجهزة بحال مثالي، دون أن يكون لها أي علم بالخطة الإسرائيلية. وجذبت هذه الأجهزة نظر قيادات حزب الله، ما دفعهم لشراء 5000 وحدة منها، مما يزيد من فرصهم في مواصلة عملياتهم دون علمهم بخطورة المعدات التي بحوزتهم.
لكن بعد الشراء، لم يدرك عناصر حزب الله أنهم يحملون قنابل متطورة تحت غطاء أجهزة التواصل. الأجهزة كانت متطورة لدرجة أن الانفجار يحدث بتفعيل معقد يتطلب استخدام كلا اليدين، ما أدى إلى تعرض العديد منهم لإصابات خطيرة عند محاولة قراءة الرسائل على الجهاز. يعود تصميم هذه الأجهزة إلى أن الموساد قام بدمج متفجرات قوية بطريقة تجعل من الصعب اكتشافها حتى عند تفكيك الجهاز.
في سبتمبر من عام 2023، استخدم الموساد إشارات عن بعد لتفعيل هذه الأجهزة، مما تسبب في مقتل أو تشويه ما يقرب من 3000 من عناصر حزب الله. قد تعتبر هذه العملية واحدة من أكثر العمليات التخريبية نجاحًا في تاريخ أجهزة الاستخبارات، حيث ساهمت في تقويض صفوف حزب الله. ورغم النجاح الكبير للعملية، فقد أثارت المخاوف بشأن الآثار الممكنة على مجمل الصراع في المنطقة.
الصحيفة تشير إلى أن هذا النجاح دفع بعض القادة السياسيين في إسرائيل إلى التفكير في المزيد من الاستهدافات ضد حزب الله، بما في ذلك إمكانية قتل قائد الحزب، حسن نصر الله. هذا النهج قد يزيد من خطر نشوب حروب جديدة في المنطقة. ومع ذلك، تبقى القلق بشأن عواقب تصعيد الصراع قائمًا بين المسؤولين الإسرائيليين رغم التفاؤل الذي عكسه نجاح مثل هذه العمليات.