|

اتفق موقع “ميديا بارت” مع صحيفة “لوفيغارو” اليمينية على أن كل الأصابع كانت تشير إلى وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو المتهم بإثارة الكراهية ضد المسلمين، وقالتا إنه تباطأ في التحرك بعد مقتل رجل مسلم في مسجد بمنطقة لا غراند كومب يوم الجمعة.

وقال ميديا بارت إن الوزير بقي يومين قبل السفر إلى المنطقة التي قتل فيها الشاب المالي أبو بكر سيسي بوحشية، مشيرا إلى أن هذه مدة طويلة في السياسة، مما يعني أن الحكومة استغرقت وقتا طويلا للرد بجدية على اغتيال الرجل الذي أدلى قاتله بتصريحات معادية للإسلام.

وأوضح الموقع أن رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، لم يتحدث هو الآخر قبل يومين وقال “لن يكون للعنصرية والكراهية الدينية مكان في فرنسا. حرية العبادة مصونة”، إلا أنه كان أسرع إلى إدانة هجوم الدهس في فانكوفر بكندا.

أما رئيس الوزراء فرانسوا بايرو فكان أول من تكلم في وقت متأخر مساء السبت، متحدثا عن “العار المعادي للإسلام الذي ظهر في مقطع فيديو”، في حين كان موقف وزير الداخلية المسؤول عن الشؤون الدينية، أكثر إيحاء، حسب الموقع.

وبعد ظهر الأحد، وبعد ساعات من التردد، قرر ريتايو التوجه إلى موقع الحادث، واعدا “بتضامن الحكومة الكامل” في مواجهة هذا “العمل المشين”، دون تجاهل احتمال وقوع عمل معاد للمسلمين، وصرح قائلا إنه “لا مجال للتسامح مع هذا النوع من الأعمال في مجتمع مفرط العنف”.

تأخير الحكومة

وكان الوزير قبل ذلك قد اكتفى برسالة بسيطة على وسائل التواصل الاجتماعي، وصف فيها وفاة الشاب، بأنها “مروعة” وأكد “تضامنه مع الجالية المسلمة”، ولكن ليس لدرجة السفر فورا، ولا إرسال محافظ المسجد إلى موقع الحادث، حتى إن عبد الله زكري، نائب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وعميد مسجد سود نيم، أعرب عن أسفه قائلا “يشعر المؤمنون بخيبة أمل طفيفة لعدم حضور المحافظ لتقديم دعمه وطمأنتهم”.

وزاد من الشعور بخيبة الأمل لدى المسلمين أن منفذ الهجوم الذي كان مطلوبا بشدة -حسب المدعي العام في أليس عبد الكريم غريني- “يحتمل أن يكون خطيرا للغاية”، وقد أعرب في التصريحات المتقطعة التي أدلى بها في مقطع الفيديو الذي نشره، وهو يواجه ضحيته المحتضر، ما فهم منه أنه ينوي تكرار فعله، وأساء إلى الذات الإلهية بتعبيرات بذيئة.

وذكر الموقع بالتسلسل الزمني لتصرف الحكومة، حيث نشر المدعي العام معلومات كاذبة يوم الجمعة، تحدث فيها عن معلومات عن هجوم بين المصلين في المسجد، ولكن الشهادات التي جمعت في موقع الحادث، وبعدها الأدلة من كاميرات المراقبة في المسجد وصور الجاني، دحضت هذه الرواية.

ومع أن صحيفة لوباريزيان كشفت عن تصريحات القاتل المعادية للإسلام، وأن المدعي العام أكد فتح تحقيق بتهمة القتل يشير إلى جريمة قتل عمد، مع “40 أو 50 طعنة”، وأن احتمال ارتكاب جريمة “عنصرية ومعادية للإسلام” مطروح رسميا، فإن بعض النقاط بقيت غامضة، ومن ضمنها شح المعلومات عن القاتل، وهو مواطن فرنسي من عائلة بوسنية كان “بعيدا عن أنظار النظام القضائي ولم يسمع عنه أي شيء”، حسب المدعي العام.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية صباح الاثنين أن القاتل سلم نفسه للشرطة في إيطاليا مساء الأحد، وقال المدعي العام “هذا يشعرني بارتياح كبير، بصفتي مدعيا. نظرا لفعالية الإجراءات المتخذة، لم يكن أمام الجاني خيار سوى الاستسلام، وكان ذلك أفضل ما كان بإمكانه فعله”.

ومع أن عبد الكريم غريني أشار إلى أن “احتمال وقوع فعل ذي دلالات معادية للمسلمين واردة، لكنها ليست الوحيدة”، ومع أن “الدافع الإسلامي لم يكن بالضرورة الدافع الرئيسي”، فإن مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب لم يعلن حتى الآن هل سيتولى القضية أم لا، وذلك ما يطالب به محاميا عائلة أبو بكر سيسي، سارة بنلفقي ومراد بطيخ.

وقال إبراهيم سيسي ابن عم القتيل إن “أبو بكر بالنسبة لنا كان ضحية هجوم إرهابي”، وقبل أن يذكر انتشار الإسلاموفوبيا قال “لقد شهدنا تدهور المناخ على مدى السنوات الخمس أو العشر الماضية”.

وذكر الموقع بأن ريتايو هرع إلى نانت عندما قتل مراهق أحد زملائه في المدرسة الثانوية وجرح 3 آخرون يوم الخميس، وادعى “الحاجة إلى السلطة”، مع أن الشاب كان “انتحاريا مفتونا بالزعيم النازي هتلر”، حسب المدعي العام، وتساءل لماذا هذا الصمت عندما يتعرض أحد المصلين لاعتداء وحشي في مكان عبادة؟ لماذا هذا الحذر عندما تكون التعليقات الواردة في مقاطع الفيديو، في حد ذاتها، مستهجنة؟

عنصرية الدولة

ومن ناحيتها، أشارت لوفيغارو إلى أن اليسار دعا إلى حشد في ساحة الجمهورية مساء الأحد، في أعقاب مقتل سيسي الذي أثار صدمة في أوساط الجالية المسلمة في فرنسا، كان اسم وزير الداخلية على ألسنة الجميع هناك، فقالت إحدى المتظاهرات “هذا خطأ ريتايو”، وأضافت أخرى “أجل. كل هذا بسببه”.

أخو أبو بكر سيسي: لا شيء أسوأ من شعور شريحة من الشعب بالظلم من نظام قضائي يتخلى عنها (الأوروبية)

وقالت الصحيفة إن اسم وزير الداخلية أصبح على ألسنة الجميع خلال مسيرة “ضد الإسلاموفوبيا”، أطلق الدعوة لها مستخدمو الإنترنت وحضرها زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلانشون وعدد من الشخصيات اليسارية في أعقاب حادثة القتل البشعة، ولكنها قللت من أهمية الحضور.

وخلف مكبر الصوت توالت الخطابات -حسب لوفيغارو- بدأها شقيق الضحية الذي دعا لضبط النفس و”الثقة بالنظام القضائي في بلدنا. لأن ما يصنع الأمة هو العدالة. لا شيء أسوأ من شعور شريحة من الشعب بالظلم من نظام قضائي يتخلى عنها”، وبعده طلب آخر الدعاء للضحية و”جميع شهداء كراهية الإسلام والعنصرية. رحمهم الله وعائلاتهم وطهرهم، وحررنا من كراهية الإسلام”.

واستعرضت الصحيفة بعض الكلمات التي ألقيت بالمناسبة، فقالت ليندا الأربعينية المحجبة عن ريتايو إنه “يشجع الناس بخبث على الخوف من الإسلام والمسلمين”، وأوضحت أن العديد من “المقاطع الصوتية” على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر “رغبة في عزل المسلمين”، “كما لو أننا لسنا فرنسيين. أنا مؤمنة، لكنني لن أجبركم على اعتناق الإسلام”.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version