سلطت الصحف العالمية الضوء على تداعيات الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة ولبنان، وما خلفته من مأساة إنسانية كارثية، مع التركيز على الانتقادات الموجهة للسياسات الغربية التي ظهرت كمزدوجة المعايير تجاه الصراع. في هذا السياق، أظهرت صحيفة “هآرتس” مشاهد مقلقة عن انزلاق إسرائيل نحو ما يُعتبر تطهيرًا عرقيًا، حيث تُتهم الحكومة الإسرائيلية بأنها تتبع سياسات يُشرف عليها اليمين المتطرف دون أي اعتراض واضح من المعارضة. ومن المثير للقلق أن ما يُسمى بـ “خطة الجنرالات” قد تتضمن جهودًا لإفراغ شمال غزة من السكان الفلسطينيين بشكل دائم.
كذلك، أفادت صحيفة “تايمز” البريطانية بأن التحركات الإسرائيلية في شمال غزة تفتح المجال أمام مستوطني اليمين المتطرف للتوسع الاستيطاني، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية. وأشارت الصحيفة إلى أن هناك مجموعات بدأت بالفعل في وضع خطط جدية لاستقرار مستوطنين إسرائيليين في غزة، الأمر الذي يحظى بقبول جزء من وزراء الحكومة الإسرائيلية. كما أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إعادة توطين غزة تأتي في وقت يعي فيه أن الولايات المتحدة قد لا توافق على هذه الخطوة، على الرغم من دعم المستوطنين الحكومي القوي.
من ناحيتها، تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” عن التقارير التي تلقتها وزارة الخارجية الأميركية بشأن استخدام إسرائيل أسلحة أميركية في هجماتها، والتي تسببت في أضرار غير ضرورية للمدنيين في غزة. وأشارت الصحيفة إلى فشل الخارجية الأميركية في تنفيذ سياساتها الخاصة التي تتطلب فتح تحقيقات في مثل هذه الانتهاكات المحتملة للقانون الأميركي والدولي، مما يضاعف مشاعر الإحباط تجاه موقف الولايات المتحدة من الوضع.
أما صحيفة “بوليتيكو”، فقد كشفت عن الدور النشط الذي تلعبه لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية في تنظيم رحلات لنواب الكونغرس إلى إسرائيل، للالتقاء بشخصيات تناسب سياسات الحكومة الإسرائيلية. وقد زادت هذه الأنشطة بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة، حيث ينتمي العديد من النواب المشاركين إلى الحزب الديمقراطي. هذا النوع من النقاشات يسهم في تشكيل رؤى النواب الأميركية تجاه القضية الفلسطينية والإسرائيلية.
في الجانب الآخر، انتقد مقال في صحيفة “لوموند” ما يسميه ازدواجية المعايير الغربية، مشيرًا إلى أن التركيز على أمن إسرائيل قد استمر لأكثر من عام، في حين يتم تجاهل حقوق الفلسطينيين بشكل متعمد. وعلاوة على ذلك، يبدو أن هناك عدم استجابة ملحوظة لدعوات وقف إطلاق النار في كل من غزة ولبنان، مما يعكس العجز الدولي في مواجهة الوضع الإنساني. وقد أشار المقال إلى أن الاتحاد الأوروبي يُظهر سرعة في فرض عقوبات ضد بعض الدول مثل روسيا و إيران، ولكنه يبدو غير مكترث بالمعاناة المستمرة في غزة ولبنان.
في الختام, يُظهر المشهد الحالي أنه في الوقت الذي تستمر فيه الحرب بشكل متصاعد، فإن هناك حاجة ملحة لإعادة تقييم الأبعاد الإنسانية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. تتجلى هذه الأزمة في ممارسات التطهير العرقي، والتوسع الاستيطاني، والازدواجية في المعايير الدولية. لذا، يبقى التساؤل قائمًا حول الوقت الذي سيتطلبه المجتمع الدولي للتدخل كون الوضع الحالي يحمل في طياته مخاطر على الاستقرار الإقليمي والدولي بشكل عام.