منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرض الجسم الصحفي الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية لضرر كبير جراء الهجوم العسكري الإسرائيلي، حيث سجلت نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدمير 88 مؤسسة صحفية، بالإضافة إلى اعتقال 61 صحفياً وجرح 61 آخرين، فيما بلغ عدد القتلى 173 صحفياً، وقد لقي العديد منهم حتفهم مع عائلاتهم. هذه الأرقام تعكس الصورة المأساوية التي تعيشها الصحافة الفلسطينية خلال هذه الفترة، حيث تتعرض للعديد من الانتهاكات التي تهدد حرية التعبير.

تجلى تأثير الهجوم الإسرائيلي بشكل خاص على قناة الجزيرة، حيث استهدفت نيران الجيش الإسرائيلي عددًا من صحفييها. فقد قُتل أفراد أسرة مدير مكتبها وائل الدحدوح، كما قُتل المصور سامر أبو دقة والمراسل إسماعيل الغول وزميله المصور رامي الريفي، الذين قضوا نتيجة إطلاق صاروخ من طائرة مسيّرة. هذه الحالات توضح المخاطر التي يواجهها الصحفيون أثناء قيامهم بواجبهم المهني في مناطق النزاع.

إضافة إلى الخسائر البشرية والمادية، أقدمت السلطات الإسرائيلية على إغلاق مكاتب قناة الجزيرة، حيث سمح الكنيست بإغلاق المكتب في رام الله بعد إغلاق مكتبها في القدس. وذلك استنادًا إلى مزاعم بأن القناة تلحق الأذى بالأمن القومي الإسرائيلي. هذا الإجراء يُظهر تزايد القمع الذي يعاني منه الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام، في محاولةٍ لوقف التغطية الصحفية في المناطق المتأثرة بالصراع.

قبل أسبوع من هذا القرار، كشف النقاب في إسرائيل عن فشل المنظومة الدعائية في تقديم روايتها حول الحرب على غزة ولبنان. وقد كان هذا الفشل مستمرًا منذ بداية معركة “طوفان الأقصى”، حيث كانت الرواية الفلسطينية تتقدم في التأثير على الرأي العام العالمي. يعكس هذا التوتر بين الروايتين، الإشكالات الهيكلية التي تواجهها المؤسسات الإعلامية، وما تلا ذلك من طمس للحقائق وتخويف الصحفيين من أجل توجيه الرأي العام.

هذا القمع والاعتداءات المتكررة على الصحفيين في فلسطين يثيران قلقًا دوليًا، حيث يبدو أن سياسات القمع تتجاوز الحدود المعترف بها للحرية الصحفية. إن انتهاك حقوق الصحفيين وحرية التعبير يطرح تساؤلات حول التزام المجتمع الدولي بحماية الصحفيين وإقرار حقوق الإنسان. تضاف هذه الأحداث إلى سجلات تاريخية من الاعتداءات على حرية التعبير في مناطق النزاع.

في ختام هذا التحليل، يتضح أن التوترات السياسية والميدانية تؤثر بشكل كبير على العمل الصحفي في فلسطين، مما جعل الصحفيين يواجهون خيارات صعبة بين أداء واجبهم المهني وسلامتهم الشخصية. ومن المؤكد أن المشهد الصحفي في فلسطين في ظل هذه الظروف يحتاج إلى مزيد من الدعم والتضامن من المجتمع الدولي، لضمان حماية حقوق الصحفيين في ظل الأزمات المتصاعدة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.