في فجر يوم الجمعة، شنت الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على “مجمع للشاليهات” في حاصبيا بجنوب لبنان، حيث كانت مجموعة من الطواقم الإعلامية متواجدة. أسفرت الغارة عن استشهاد ثلاثة صحفيين، وهم مصوّر قناة المنار وسام قاسم، ومصوّر قناة الميادين غسان نجار، وتقني في الميادين محمد رضا، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر من الصحفيين. يأتي هذا الهجوم في إطار سلسلة من الاستهدافات الإسرائيلية التي تطال الطواقم الطبية وعناصر قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل”، حيث سقط في اليوم السابق ثلاثة شهداء من عناصر الجيش اللبناني خلال عملية إنقاذ جرحى.

وقد أثار هذا الحادث إدانات واسعة من مختلف الأوساط اللبنانية، بما في ذلك الحكومة والقوى السياسية، الذين اعتبروه انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الذي يضمن حماية الصحفيين. وصف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هذا الاستهداف بأنه يشكل استمراراً لجرائم الحرب التي يرتكبها العدو الإسرائيلي، ووجه بتوثيق الجريمة للسير بها في المحافل الدولية. كما أدان وزير الإعلام زياد المكاري الهجوم، قائلًا إنه استهداف متعمد للصحفيين الذين لم يتوقفوا عن تغطية الأحداث الحياتية في الميدان.

من جهته، اعتبر المدير العام لوزارة الإعلام اللبنانية، الدكتور حسان فلحه، استهداف الصحفيين في حاصبيا فعلًا متعمدًا، إذ كان من الواضح للإسرائيليين أن الضحايا كانوا مدنيين يمارسون عملهم. وأكد أن هذا السلوك ليس جديداً على إسرائيل، حيث ارتكبت جرائم مماثلة في غزة. انتقد فلحه صمت المجتمع الدولي تجاه هذه الانتهاكات، مؤكدًا أن الوزارة ستتخذ مواقف قانونية ضد هذه الجرائم. وأشار إلى أهمية استمرار الصحفيين في نقل الحقائق وكشف الانتهاكات، مؤكدًا أن غالبية الضحايا هم من المدنيين.

تروي مراسلة تلفزيون الغد، فانيسا سمعان، مشاعرها الحزينة ومشاهد الهجوم، حيث أكدت على أن الدمار كان كبيرًا وأنها كانت تبحث عن زملائها المفقودين. وعلى الرغم من الظروف القاسية، أشارت إلى عزيمة الصحفيين على الاستمرار في العمل، محذرة من أن الهجمات تهدف لإسكات أصواتهم. ووصفت كيف كان الاستهداف غدراً، حيث كان هناك 18 صحفياً من 7 مؤسسات إعلامية في الموقع، مما يؤكد أن الغارة كانت موجهة بوضوح ضد الصحافة.

في حديثه، أكد الصحفي اللبناني بلال غازية أن الحادث كان استهدافًا متعمدًا وأن الوضع في المنطقة صار خطيرًا للغاية، مضيفًا أن المناشدات للمجتمع الدولي لن تنجح في معالجة هذه الظواهر. كما أوضح أن هناك غفلة عامة عن هذه الممارسات. أشار أيضاً إلى أن القوانين الدولية يجب أن تحمي الصحفيين، وأن الاعتداءات عليهم تتنافى مع تلك القوانين. وعبّر عن حرصه على مواصلة عمله، مؤكدًا أهمية دور الصحفي في نقل الحقيقة رغم كل التهديدات.

تسلط الحوادث المتكررة الضوء على المخاطر الكبيرة التي تواجهها الفرق الإعلامية في ظل تصاعد التوترات في لبنان. يُعتبر الاستهداف الذي شهدته حاصبيا هو الثالث من نوعه منذ بدء المواجهات في أكتوبر 2023. فقبل ذلك، استشهد المصوّر عصام عبد الله نتيجة قصف إسرائيلي، كما استهدفت غارة إسرائيلية أخرى فريق الميادين، مما يُظهر تكرار استهداف الإعلاميين وضرورة حماية حقهم في العمل وتغطية الأحداث بحيادية وأمان.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version