رصدت العديد من الصحف العالمية تداعيات فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية على الوضع الإقليمي، خاصة في الشرق الأوسط، محذرة من أن يتمادى الإسرائيليون في تفاؤلهم بشأن هذا الفوز. فمن خلال مقال نشرته صحيفة “هآرتس”، تم تسليط الضوء على ضرورة عدم استباق الأحداث، حيث يُعتبر ترامب شخصية غامضة قد تضع مصالحه الشخصية في المقدمة. وهذا قد لا يتوافق بالضرورة مع توقعات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يأمل في الحصول على دعم قوي من الإدارة الأمريكية القادمة. كما توقعت الصحيفة أن تكون فترة ترامب الثانية أكثر تطرفا، مما يجعل الوضع أمام إسرائيل غير مضمون.
في سياق متصل، توقع ستيفان كوك في مجلة “فورين بوليسي” أن ينفذ ترامب وعوده بإنهاء الحرب في غزة، لكن بشروط تتماشى مع المصالح الإسرائيلية فقط. وتابع كوك قائلاً إن ترامب لن يتطرق إلى قضايا إنسانية مثل أعداد القتلى الفلسطينيين أو المساعدات الإنسانية المطلوبة، محذرا من أن ذلك قد يؤدي إلى نتائج كارثية لحقوق الفلسطينيين. هذا التوجه السلبي بالنسبة للفلسطينيين يشير إلى أن هذه الانتخابات قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في المنطقة بدلاً من تحسينها.
من جانبها، كشفت صحيفة “الفايننشيال تايمز” أن هناك خططاً إسرائيلية لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في كل من لبنان وقطاع غزة، مشيرة إلى أن نتنياهو وترامب قد اتفقا على ضرورة إنهاء النزاعات. ومن الواضح أن هذه العمليات العسكرية يمكن أن تتم دون أي قيود قبل تسلم ترامب لمهامه رسميًا في 20 يناير/كانون الأول، مما يضعف فرص الحل السلمي في المنطقة. الوضع الذي يلوح في الأفق يشير إلى أن هناك رغبة قوية في إسرائيل لتأكيد هيمنتها العسكرية، وهو وضع محفوف بالمخاطر.
ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن ترامب كان قد طلب من نتنياهو، قبل أشهر من الانتخابات، ضرورة إنهاء الأعمال العدائية في غزة، وهو ما اعتبره البعض “شيكًا على بياض” للسماح للإسرائيليين بالتحرك دون قيود. هذه الاستجابة الإيجابية من ترامب تعكس التوجه القوي للإدارة الأمريكية نحو دعم إسرائيل، وتظهر أيضًا انحيازًا ملحوظًا في السياسات الأمريكية السابقة مثل نقل السفارة إلى القدس، مما يزيد من عمق الإشكاليات القائمة في عملية السلام.
في تحليل الوضع الداخلي الإسرائيلي، أبدى الدبلوماسي الإسرائيلي السابق أران بينكاس قلقه من قرار نتنياهو بفصل وزير الدفاع يوآف غالانت، مُشيرًا إلى أن ذلك قد كان سوء تقدير من جانب نتنياهو. حيث إن هذا القرار قد يُؤدي إلى تصاعد الغضب والاضطرابات الداخلية في البلاد، مما يمكن أن يؤثر على استقرار الحكومة الإسرائيلية. بينكاس حذر أيضاً من أن هذا النهج يمكن أن يكون له تبعات سلبية على الجبهة الداخلية في إسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى عدم استقرار سياسي في المستقبل.
بشكل عام، يبدو أن فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية قد يحمل في طياته العديد من التحديات والمخاطر لكلا الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي. فبينما يراهن بعض الإسرائيليين على دعم قوي من ترامب، تظهر تحذيرات من أن سياساته قد تؤدي إلى نتائج غير مرجوة، كما أن التركيز على إبقاء الوضع قائماً كما هو قد يعمق من مشكلات عدم الاستقرار في المنطقة. لذا، يتوجب على الجميع التعامل بحذر مع تغيرات المشهد السياسي القادمة.