اتفقت العديد من وسائل الإعلام العالمية على أن العملية البرية الإسرائيلية المحتملة في جنوب لبنان تحمل في طياتها مخاطر كبيرة وتحديات متعددة. حيث سلط تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على مقتل بعض الجنود الإسرائيليين في لبنان مؤخرًا، مما يؤكد الخطر الكبير الذي قد تواجهه أي عملية عسكرية برية على الحدود الشمالية لإسرائيل. وعلى الرغم من مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أكدت الصحيفة قدرة الحزب على التصدي للتحديات الإسرائيلية، مشيرة إلى تجاربه السابقة في مواجهة الجيش الإسرائيلي والتي أثبت فيها كفاءته العسكرية.
ومن جانب آخر، تناولت صحيفة “الفايننشال تايمز” تحليل المخاطر بشكل أعمق، حيث حذر الخبراء من أن أي غزو بري للبنان، مهما كان محدودًا، سيؤدي إلى مواجهة مباشرة مع مقاتلي حزب الله. وأشارت التقديرات إلى أن مثل هذا السيناريو قد يقوض التفوق الجوي الذي تملكه إسرائيل، حيث يمكن لحزب الله استخدام صواريخ غراد التي تصل مداها إلى 40 كيلومترًا حتى في حال انسحابه إلى مناطق آمنة بدرجات أعلى. كما تسلط التحليلات الضوء على الصعوبات التي ستواجه القوات الإسرائيلية في تدمير البنية التحتية للأنفاق والمخابئ التي أنشأها حزب الله على طول الحدود، وهو ما قد يجعل أي عملية عسكرية برية مكلفة للغاية.
وفي إطار متعدد الأبعاد، أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” أن المسؤولين الإسرائيليين لا يخططون حاليًا لضرب المنشآت النووية الإيرانية، موضحين أن استهداف هذه المواقع يتطلب دعمًا من الولايات المتحدة. وقد أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عدم دعمه لأي هجوم إسرائيلي على هذه المنشآت الحيوية، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي والعسكري. وبينما تركّز الأبحاث العسكرية على التحديات، تبرز “الغارديان” التداعيات السياسية للأزمة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى تأثيرها على مكانة الولايات المتحدة عالميًا.
أشارت “الغارديان” إلى أن التفاضل الواضح في سياسة إدارة بايدن بين الأزمات في أوكرانيا وغزة أسهم في تفاقم السخط العام تجاه معايير أمريكا المزدوجة، حتى وصل الأمر لاستقالة العديد من المسؤولين في الإدارة. هذا الواقع المركب يضع من الصعب تحديد مسار واضح نحو إنهاء الحرب في المنطقة، ويبرز أهمية التدخل العاجل من المجتمع الدولي، كما حذرت الكاتبة بيل ترو في صحيفة “الإندبندنت”. وبذلك تصبح الجهود المبذولة لإيقاف العنف وحصر النزاع تحديًا متزايدًا مع انخراط عدد أكبر من الأطراف.
علاوة على ذلك، انتقدت دانيا ساكاي في مجلة “فورين أفيرز” تصورات المسؤولين الأمريكيين حول إعادة تشكيل الشرق الأوسط بعد مرور عام على الحرب، مشددة على غياب مفهوم “اليوم التالي” في غزة والمناطق المجاورة. ويرتبط الحديث الحالي بذرائع غزو العراق عام 2003 وتأثيره السلبي، مما يمهد الطريق لمزيد من الاضطرابات والنزاعات. وأكدت ساكاي أن التوجهات السياسية الراهنة قد تؤدي إلى تحول الصراع إلى “حرب دائمة” ما لم يتم إجراء تغييرات جذرية تضع حدًا للسياسات الحالية.
في الختام، يمكن الاستنتاج أن الوضع في لبنان، كما في الشرق الأوسط على العموم، متشابك ومعقد يتطلب تحليلات معمقة وفهمًا دقيقًا للمخاطر العسكرية والتحديات السياسية. الأمر منوط بكافة الأطراف المعنية، محليًا ودوليًا، أن تبحث عن حلول جذرية توفر الاستقرار وتؤسس لمستقبل أفضل، بعيدًا عن دوامة العنف والتدخلات العسكرية، تزامنًا مع الحاجة الملحة لإعادة النظر في استراتيجيات العمل الدولي تجاه هذه الأزمات.