فشل الجهازان الاستخباري والعسكري الإسرائيلي في توقع “طوفان الأقصى” وصد موجته الأولى كان له تأثير كبير على مجريات الحرب. رغم التفوق العسكري والتسليحي للاحتلال الإسرائيلي، تمكنت المقاومة الفلسطينية من تحقيق إنجازات ملحوظة. على مدار شهور من الحرب، اكتسبت المقاومة خبرات عسكرية جديدة وابتكرت أسلحة وتكتيكات مكنت لها من مواجهة جيش الاحتلال بشكل فعال، مما هز هيبته وأظهر وجود نقاط ضعف في دفاعاته.
من ضمن الأسلحة التي أثارت ضجة في الميدان كانت عبوة “شواظ”، التي أثبتت فعاليتها في تدمير دبابة “ميركافا”، والتي كانت تعتبر من أقوى الدبابات في العالم. كما لعبت بندقية القنص “الغول” وقذيفة “الياسين” دورًا بارزًا في استهداف الآليات الإسرائيلية، مما كشف النقاب عن استراتيجية مقاومة تعتمد على استخدام تكتيكات مبتكرة وذكية. وقد وثقت كاميرات الإعلام العسكري للمقاومة مشاهد من الشجاعة والتصميم، حيث تحولت شوارع وأحياء غزة إلى مصائد للآليات الإسرائيلية.
قدمت هذه التطورات في المقاومة صورة جديدة عن المعركة، حيث بات السهم الأحمر رمزاً لدقة الإصابة والخسائر الفادحة التي تعرض لها جيش الاحتلال. وقد تميزت العمليات العسكرية للمقاومة بالتركيز على نقاط الضعف لدى القوات الإسرائيلية، مما أدى إلى تراجع في معنويات الجيش وأثر على تقييماته الاستراتيجية. وبناءً على ذلك، بدت التحولات في قوة المقاومة وإستراتيجيتها جزءًا من تطور أعمق في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
برز في صفوف المقاومة قادة ميدانيون مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى، الذين لعبوا أدوارًا مهمة في إدارة الحرب وتوجيه المسار العملياتي للمقاومة. هؤلاء القادة كانوا مرتبطين بتحقيق انتصارات فعالة في مواجهة الجيش الإسرائيلي، وكان لهم تأثير واضح في سير العمليات وتأمين نوع من التنسيق بين القوات المختلفة للحد من الخسائر وتفعيل الاستراتيجيات الناجحة.
إن الفشل الاستخباري والعسكري الإسرائيلي في توقع الهجمات والعمليات العسكرية للمقاومة أظهر أهمية تطوير آليات التنسيق والابتكار التكتيكي في العمليات الحربية. بينما كان جيش الاحتلال يتوقع تفوقه العسكري التقليدي، قدمت المقاومة نموذجًا جديدًا من التحدي الذي يعتمد على المفاجأة والمرونة في المواجهات. هذا الأمر يجعل من الصعب على العدو توقع خطوات المقاومة، ويعزز من إمكانية تحقيق النتائج الفعلية على الأرض.
في ختام هذه التحولات، بات الصراع يعكس ليس فقط قوة المقاومة وقدرتها على تحقيق تأثيرات عسكرية، بل أيضًا يعكس الأزمة التقييمية التي يمر بها الجيش الإسرائيلي. الحرب أظهرت أن الاعتماد على القوة العسكرية وحدها قد لا يكون كافيًا لتحقيق النصر، بل يتطلب فهمًا دقيقًا للواقع ميداني والاستفادة من التجارب السابقة. وهذا ما يجعل صراع الفلسطينيين مع الاحتلال أكثر تعقيدًا وإثارة للاهتمام على المستويات الإقليمية والدولية.