في باحة مستشفى المعمداني في مدينة غزة، تجمعت خمس نساء وطفل حديثو النزوح من مخيم جباليا، شمال القطاع. هؤلاء النسوة، اللواتي فقدن العديد من أفراد عائلاتهن، يعكسن مأساة مستمرة يُعاني منها شعب فلسطين جراء التصعيد الإسرائيلي. وقد تعرضت هؤلاء النسوة لمجموعة من المآسي، حيث قُتل عدد من رجال عائلتهن واعتُقل الباقون عند حاجز مؤقت أُقيم على ممرات يُزعم أنها آمنة. حالة من الفزع ورغم الجراح البدنية والنفسية تعلو وجوههن، فالألم والقلق يلازمانهن، خاصة عندما تُذكر أسماء المعتقلين أو الشهداء.

واصل جيش الاحتلال الضغط على سكان شمال غزة، حيث أجبر الآلاف منهم على النزوح المفاجئ عبر طرق كانت تُعتبر “آمنة”، لكن النازحين شهدوا كيف تحولت هذه الممرات إلى فخاخ انتشرت فيها المخاطر. بعضهم تعرض للاعتقال عبر هذه الممرات، والبعض الآخر فقد حياته نتيجة القصف. منذ بدء العمليات العسكرية في 6 أكتوبر/تشرين الأول، شهدت المناطق الشمالية قصفًا مدفعيًا وجويًا بأشد انواعه، ما أدى إلى تدمير شبه كامل للقرى والمخيمات.

المسعفة نيفين الدواوسة التي كانت في مركز إيواء بمخيم جباليا، حكت عن أهوال المشهد، حيث قصف الجيش الإسرائيلي مركز الإيواء بعد فترة وجيزة من إعطائهم مهلة إخلاء. الأمر لم يتوقف عند القصف، بل زادت ممارسات قوى الاحتلال من معاناتهم من خلال اعتقال الرجال وإهانة النساء. الدواوسة، التي لم تتوفر لديها الإمكانيات اللازمة لتقديم العلاج للجرحى، وصفت الأيام بأنها أيام من الموت والرعب، مشيرة إلى أن آثار الدمار في المخيم مذهلة، إذ لم يترك القصف شيئًا قائمًا.

بينما كان النازحون يسعون لملاذ آمن، بعض العائلات الأخرى كعائلة روحي صالح اختارت البقاء على الرغم من التحذيرات. رغم الأوامر بالانتقال إلى مناطق يُزعم أنها آمنة، رفض صالح وعائلته الانصياع وفضلوا البحث عن أقاربهم في جباليا. عانوا بشكل كبير من العطش والجوع، وقد مروا بعشرات الجثث، التي تُعتبر نتيجة وحشية للاحتلال، مما زاد من شعورهم باليأس والقلق.

عائلة أخرى تعرضت لويلات القصف هي عائلة عوض أبو ليلة، التي قاتلت من أجل نجاة ابنهم بعد استشهاد اثنين من أشقائه. الجرحى من تلك العائلة وغيرهم ملؤا المستشفى المعمداني، حيث تتزايد أعداد الضحايا بسبب العمليات العسكرية. عوض، الذي حيكت قصته بين الألم والخسائر، نقل إلى المستشفى بعد أن قطع مسافة طويلة على عربة تجرها دابة، مما يُظهر مدى المعاناة التي يتكبدها النازحون للوصول إلى الرعاية الطبية.

داخل المستشفى، يتم علاج العديد من الجرحى، بما في ذلك الفتيان إبراهيم ومحمد مقاط، اللذان تعرضا لإصابات خطيرة نتيجة قصف استهدف منزلهما. فاجعة عائلة مقاط تجسد المأساة التي يعيشها الفلسطينيون، حيث فقدوا خمسة أفراد من عائلتهم. التوصيفات الحادة لأفراحهم وأحزانهم تختزل تجارب مؤلمة ما زالت تبدو مرعبة وصعبة الفهم للكثيرين.

إن الأحداث المستمرة في غزة تُبرز واقعًا مؤلمًا يمزج بين الموت والدمار، حيث يعاني السكان المدنيون من العنف والفقدان. الأوضاع الإنسانية تسوء يوماً بعد يوم، ولا يبدو أن هناك أفقًا قريبًا للسلام والاستقرار. هذه القصص والأحداث تعكس واقعًا مثيرًا للاهتمام لكن مؤلمًا، يعكس التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version