وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال ما لا يقل عن 26 من اللاجئين السوريين العائدين من لبنان في الفترة ما بين 23 و25 من شهر سبتمبر/أيلول. وجاء في تقرير الشبكة “معاناة العودة: انتهاكات جسيمة تواجه اللاجئين السوريين العائدين من لبنان” أن أحد المعتقلين، وهو سيدة، قتل نتيجة التعذيب داخل مراكز احتجاز قوات النظام السوري. يعكس هذا التقرير المخاطر الجسيمة التي يتعرض لها اللاجئون العائدون، حيث تشير الأرقام إلى ارتفاع حاد في عدد الاعتقالات التعسفية، مما يعكس حالة انعدام الأمن القائم في سوريا.
وأظهر التقرير أن اللاجئين السوريين في لبنان يواجهون ظروفاً معيشية صعبة، بما في ذلك نقص الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية. هذه الظروف القاسية تدفع العديد منهم إلى اتخاذ قرار العودة، رغم المخاطر الأمنية التي قد يواجهونها. يعبر اللاجئون عن معضلة كبيرة بينهم؛ فعلى الرغم من غياب الضمانات الأمنية في سوريا، إلا أن ضغوط الحياة في لبنان قد تجبرهم على اتخاذ خطوة العودة المقلقة.
كما أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن البيئة الحالية في سوريا لا تزال غير آمنة، حيث يستمر النظام السوري في انتهاكاته من اعتقالات تعسفية وتعذيب. وتوضح الأرقام أن قوات النظام قد قامت باعتقال 208 من العائدين منذ بداية عام 2024 فقط، بينهم أطفال ونساء. هذا الوضع المأساوي يعكس مدى تفشي سياسة القمع التي يمارسها النظام ضد اللاجئين العائدين والذي لا يزال يُعيدهم إلى كابوس من الاعتقال والتعذيب.
تسلط الشبكة الضوء أيضًا على التشريعات التي يواصل النظام السوري إصدارها، والتي تتيح له الاستيلاء على ممتلكات اللاجئين والمشردين قسراً. هذه السياسة تُعتبر جزءًا من مجهود منهجي لتعزيز السيطرة على الأراضي والممتلكات التي تُركت من قبل أصحابها، مما يزيد من الضغوط على اللاجئين ويعقد من عملية العودة. إن هذه السياسات تؤكد على عمق أزمة حقوق الإنسان في سوريا، وكيف تُستخدم القوانين كأداة لتحويل معاناة الناس إلى فائدة للنظام.
في هذا السياق، شدد فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، على غياب الإجراءات اللازمة لضمان حماية حقوق اللاجئين العائدين وسلامتهم. وطالب بوضع آليات فعالة لضمان حماية هؤلاء العائدين ومنع الانتهاكات المتكررة، لا سيما من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام. وأكد أن العودة القسرية في ظل الظروف الحالية تزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في سوريا، مما يتطلب استجابة عاجلة وجهود حقيقية لحماية حقوق اللاجئين.
ختامًا، تُظهر التقارير والتحذيرات الصادرة عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان الوضع المأساوي الذي يعيش فيه اللاجئون السوريون العائدون. ومع غياب الضمانات الأمنية والموارد الأساسية في لبنان، يجد الكثيرون أنفسهم في مواجهة خيارات صعبة، ومع ذلك، فإن العودة إلى سوريا تبقى محفوفة بالمخاطر. يتطلب الأمر تدخلاً عاجلاً من قبل المجتمع الدولي لحماية حقوق هؤلاء اللاجئين وضمان عدم تعرضهم لانتهاكات أخرى.