في 12 ديسمبر 2023، وُلد الطفل محمد سالم في ظروف قاسية تحت الحصار الإسرائيلي في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة. يعكس حلم الحياة الذي واجهته عائلته، المكونة من الأب باسل والأم شيماء وأشقائه، مأساة طفل نشأ وسط الدمار. فقدت عائلته خلال مجزرة تسببت في استشهاد أكثر من 120 شخصًا، كانت والدته تشعر بالآلام في ظروف غير إنسانية، لكن الحظ حالف محمد ونجا من تلك المأساة رغم أنه فقد عائلته.
عاش محمد ساعات من المخاض أُجبرت خلالها والدته على الخضوع لولادة بدائية في المنزل بسبب قلة الرعاية الصحية ووجود القناصة والدبابات في كل مكان. وقد وصف خاله لحظة انتشاله من تحت أنقاض منزله بعد الهجوم، حيث كان مخنوقًا ومليئًا بالغبار. تم نقله إلى المستوصف حيث تلقى الإنعاش الطبي لإنقاذ حياته، ليصبح الناجي الوحيد الذي يشهد على مجزرة عائلته.
تحكي عمة محمد، هالة سالم ديب، عن تفاصيل تلك الليلة المخيفة التي شهدت قصفًا مكثفًا من قبل جيش الاحتلال، مما جعل العائلة محاصرة. رفضت الأم الخروج طلبًا للمساعدة الطبية بسبب القصف. تواجه هالة تحديات كبيرة في رعاية ابن أخيها، فهي تعاني من إصابات تتطلب رعاية صحية، لكنها تعمل جهدها لتعويض محمد عن غياب والديه، متسلحةً بقوة الحب والحنان.
في نفس المجزرة، كان هناك طفل آخر يدعى محمد سفيان سالم، يبلغ من العمر ستة أعوام، فقد عائلته وسجلهم المدني. كان نجاته معجزة، إلا أنه عانى من إصابة في الرأس ورعب نفسي أثر على سلوكه، حيث أصبح يتبول لا إراديًا ويتلعثم أثناء الكلام. لا يستطيع محمد سفيان أن يخف عن نداء والديه وإخوته، وهو يتنقل في منزل العائلة باحثًا عنهم.
بشاهد هذان الطفلان على فظائع الحروب والمعاناة، تجسدت تجاربهما في قلب غزة، حيث إن القصف والقتل لم يفرقا بين الأطفال والكبار أو بين العائلات. وبالرغم من فقدانهما أقرب الناس، إلا أن عما وعم محمد يلعبان دورًا أساسيًا في احتضان هذين الطفلين ومساعدتهما على مواجهة هذه الفترات الصعبة.
تظل قصص هؤلاء الأطفال مثالًا صارخًا على معاناة الفلسطينيين في غزة، التي تعكس الحاجة إلى السلام والأمان، ولعلّ الأمل في مستقبل أفضل يعيد لهما ما فقداه من حب ورعاية عائلية، رغم الألم العميق الذي في قلوبهما.