تعيش الفلسطينية أماني مشهور، في بلدة سنجل شمال القدس، تحت تهديد مستمر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي أعلنت عن نيتها بناء جدار عازل حول أراضي ومنازل المواطنين في المنطقة. منذ نحو أسبوعين، تحرص أماني على إغلاق نوافذ منزلها وبابها الرئيسي كل يوم لتوفير الحماية لنفسها ووالدها الذي يتجاوز الثمانين عاماً من الاعتداءات المتكررة من الجنود المنتشرين في محيطهم. فقد بدأت القوات الإسرائيلية في تجريف أراضي البلدة منذ أيام بحجة منع رشق الحجارة تجاه مركبات المستوطنين، وهي أكذوبة حسب قول الأهالي الذين يعتبرون أن الهدف الحقيقي هو مصادرة أراضيهم وعزلهم عن محيطهم.

تعيش أماني في منزلها الذي شُيد قبل احتلال الضفة الغربية عام 1967، وقد عانت من اعتداءات الاحتلال منذ سنوات. ومع بدء أعمال التجريف، باتت تواجه صعوبات في تأمين احتياجاتها اليومية، مثل قضاء الحاجيات أو الذهاب للطبيب مع والدها. تشير إلى أن الاحتلال قام باقتلاع أشجار زيتونها، التي تعتبر جزءًا من هوية الأسرة وتاريخها، وأصبح شعور الخوف من تهجيرهم يسيطر عليها، خاصة بعد تلقيها تهديدات من ضباط الاحتلال. إلا أن أماني تصمم على مواصلة حياتها في منزلها، متحدية كل ضغوط الاحتلال، وتؤكد أن الجدار الجديد سيزيد من مخاطر الاعتداءات العسكرية ويضعهم في حصار أشد.

أما بالنسبة لمخطط الجدار، فسيتم إقامته على مساحة 30 دونماً بطول يصل إلى 1500 متر وارتفاع 4 أمتار، مما سيحاصر البلدة بالكامل. أغلق الاحتلال مداخل سنجل، مما زاد في معاناة السكان وقيّد حركتهم. تقول أماني، إن الاحتلال يسعى لضم 8 آلاف دونم من أراضي المنطقة، حيث تعتبر هذه الأراضي مصدر العيش والحياة بالنسبة لهم. وحسب أقوال مسؤولين محليين، بدأت عمليات اعتقال ضد الشبان واعتداءات من المستوطنين، مما زاد من الوضع المتوتر في البلدة بعد الحرب على غزة.

على صعيد آخر، تعد سنجل واحدة من العديد من القرى الفلسطينية التي يحيطها الاحتلال بجدران عازلة. قبل سنجل، تم تشييد جدار في بلدة عزون منذ عام 1995، والذي توسع لاحقًا في فترات متقطعة. تحاول السلطات الإسرائيلية تجاوز أي اعتراضات من الأهالي، مدعية أن قراراتها لأسباب أمنية. في الوقت نفسه، تواصل إسرائيل بناء مستوطنات جديدة حول القرى، مما يهدد المزيد من الأراضي والممتلكات.

تعتبر السلطة الفلسطينية أن هذه الجدران ليست مجرد تدابير أمنية، بل هي جزء من سياسة استيطانية تهدف لعزل البلدات الفلسطينية وتجريدها من التواصل بينها. وقد أظهر تقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن الاحتلال والمستوطنين ارتكبوا أكثر من 16 ألف اعتداء منذ الحرب الأخيرة على غزة، مما يعكس الانتهاكات المتصاعدة التي تتعرض لها حقوق الفلسطينيين. تشكل هذه الاعتداءات جزءًا من سياسة أوسع تهدف لإفراغ الأراضي من سكانها الفلسطينيين.

المستقبل يبدو غامضًا بالنسبة لأماني وبلدتها، إذ تواجه خطر التهجير وفقدان كل ما تملك بسبب ممارسات الاحتلال المستمرة. ورغم كل الظروف الصعبة، تواصل أماني ووالدها مقاومة التهجير، مصممين على البقاء في هذا المكان الذي يحمل ذكرياتهم وتاريخهم. تبقى عزمها على الصمود رغم كل التحديات تعبيرًا قويًا عن إرادة الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم وهويتهم.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version