تنوعت انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب على غزة، حيث شملت هذه الانتهاكات السطو على المنازل ومحتوياتها، ومصادرة أملاك البنوك، بالإضافة إلى إعاقة وصول المساعدات الإنسانية. وقد أسفرت هذه الممارسات عن تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل ملحوظ، ليصبح شبح المجاعة واقعًا يعيشه سكان مدن ومخيمات شمال القطاع بعد مرور أربعة أشهر من بداية الحرب، كما أكدت ذلك تقارير لموظفين دوليين، وعلى رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وعلاوة على ذلك، تعرضت مصداقية UNRWA (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) لهجوم حاد، حيث اتهمت إسرائيل الوكالة بعدم الحيادية، وهو ما دفع العديد من الدول المانحة مثل الولايات المتحدة وإيطاليا وكندا وغيرها، إلى تعليق مساهماتها المالية. كان لتلك الخطوة أثر بالغ السلبية على سكان غزة، الذين يعتمد الكثير منهم على المساعدات الغذائية والصحية التي تقدمها الوكالة.
تعمقت المعاناة الإنسانية في ظل هذه الظروف، حيث أصبح أغلبية سكان القطاع لا يجدون سبلاً للعيش سوى من خلال مساعدات UNRWA. وقد أدى تفاقم الوضع إلى نزوح السكان أكثر من مرة داخل الحدود الضيقة للقطاع، مما ترك آثارًا جسيمة على حياتهم اليومية. ومن المعروف أن هذا النزوح المستمر قد أثر سلبًا على البنية الاجتماعية والاقتصادية للسكان، حيث فقدوا منازلهم ومصادر دخلهم.
من المهم أن نلاحظ أن تلك الانتهاكات لم تقتصر فقط على الأبعاد الاقتصادية، بل طالت أيضًا الجانب الصحي، حيث أُوقفت المساعدات الطبية بشكل كبير، مما تسبب في تفشي الأمراض ونقص الأدوية والخدمات الصحية الضرورية. فتدهور الوضع الصحي في القطاع يمثل تحديًا كبيرًا، حيث يعيش السكان في بيئات غير صحية ويفتقرون إلى الرعاية الطبية الكافية.
تمثل هذه الحرب وما تبعها من انتهاكات صورة مروعة عن الآثار الإنسانية للصراعات، وكيف يمكن أن تؤدي سياسات الاحتلال إلى تشريد السكان وتقويض قدرتهم على الحصول على أساسيات الحياة. وكذلك أسفرت هذه العمليات عن تفكيك التركيبة الاجتماعية للمجتمع الغزي، مما يهدد الاستقرار على المدى الطويل.
في نهاية المطاف، تستدعي الأوضاع الراهنة استجابة دولية عاجلة للحد من المعاناة الإنسانية في القطاع. يتطلب الأمر إعادة النظر في السياسات الدولية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتجديد الدعم لوكالات الإغاثة، مثل UNRWA، لضمان الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية. فبغير ذلك، سيستمر الوضع في التدهور، مما ينعكس سلبًا على الحياة اليومية لسكان غزة ويزيد من مأساة هذا الصراع المستمر.