بدأت رواندا رسميا إحياء الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية ضد التوتسي في مراسم حضرها رؤوساء حاليون وسابقون وممثلون عن أكثر من 37 دولة أفريقية وأوروبية وعربية، ومنظمات إقليمية ودولية. ودخلت البلاد في حداد رسمي يستمر أسبوعًا، تنكس خلاله الأعلام وتتوقف أي احتفالات، واختارت إحياء الذكرى هذا العام تحت عنوان “نتذكر، نتحد، نتجدد” ليضيء على مسيرة التحول وخطوات العدالة الانتقالية خلال العقود الثلاثة الماضية.

بدأت المراسم بوضع أكاليل من الزهور على قبور جماعية، تضم رفات آلاف الضحايا الذين قتلوا في كيغالي، وسار بعدها الرئيس برفقة كبار الشخصيات من مواقع القبور الجماعية إلى ساحة مفتوحة، حيث أشعل مع السيدة الأولى “شعلة الذاكرة” التي ستبقى متقدة خلال الأيام المئة المقبلة. وأحيا الروانديون ذكرى الإبادة في موقع “غيسوزي”، الذي دُفن فيه قرابة 250 ألف ضحية قتلوا خلال 100 يوم من المجازر، وتحول إلى موقع تذكاري يوثق قصص الضحايا ويضم صورًا وممتلكات شخصية تمكنت لجان التوثيق من جمعها منذ بدء العمل المؤسساتي لتأريخ الإبادة عام 2000.

“لقد اخترنا أن نفكر أبعد من أفق المأساة، وأن نصبح شعبًا له مستقبل”، هكذا خاطب الرئيس الرواندي بول كاغامي الحضور الرسمي الذي شارك في إحياء الذكرى، وقال إن “الخيارات التي اتخذها الروانديون، وإيمانهم بأن إحياء الأمة أمر ممكن، أسهمت في التقدم الذي حققته البلاد”، وأضاف “لقد اخترنا أن نفكر أبعد من أفق المأساة وأن نصبح شعبًا له مستقبل”. ولم يغب الجانب السياسي عن كلمة كاغامي، حيث قال إن بلاده “ستبقى ممتنة لجميع الدول التي ساندت رواندا”، وخص بالذكر جهود جنوب أفريقيا بزعامة نيلسون مانديلا، حيث تكفلت حينها ببعثات أطباء كوبيين عملوا على إعادة تأهيل القطاع الصحي بعد المجازر.

ووصف كاغامي موقف المجتمع الدولي إبان المجازر بأنه اتسم بـ”الجبن والخذلان”، وأثنى على “الوضوح الأخلاقي لممثلي دول مثل نيجيريا والتشيك ونيوزيلندا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، الذين قاوموا بشجاعة الضغوط الدولية، وكانوا أول من وصفوا المجازر بأنها إبادة جماعية”. وأشار إلى أن “مأساة رواندا هي تحذير من أن الانقسام والتطرف يمكن أن يؤديا إلى الإبادة الجماعية في أي مكان من العالم، إذا تُركتا دون رادع”، وحذر من “أصوات تعلي السياسات القبلية بما يمهد للتحضير لتطهير عرقي”، حسب وصفه.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version