يستعرض ناحوم غولدمان، أحد الرؤساء السابقين للمنظمة الصهيونية العالمية، في كتابه “المفارقة اليهودية”، مشاعر انعدام الثقة والفزع التي تسيطر على الإسرائيليين بعد تأثرهم بالأحداث الأخيرة. يتناول غولدمان حديثه مع ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، حول مخاوفه من مستقبل الدولة اليهودية. يعكس هذا الحوار عمق القلق الذي يراود الإسرائيليين، حيث يشعرون بعدم اليقين بشأن قدرة دولتهم على البقاء والنمو على المدى الطويل. تتجلى هذه المخاوف بشكل خاص عندما تتعرض إسرائيل لهجمات من أعدائها، مما يزيد من الإحساس بالضعف والخطر.
خلال الصراع المستمر مع غزة، لوحظت نسبة عالية من الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، حيث ارتكبت إسرائيل مجازر كثيرة، ونتج عن تلك الأحداث الشعور بالهزيمة في المجتمع الإسرائيلي. على الرغم من الأضرار التي لحقت بالأعداء، تؤكد استطلاعات الرأي أن غالبية الإسرائيليين يشعرون بأنهم فشلوا في تقرير مصير الحرب، مع تصاعد مشاعر انعدام الثقة في مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش. تشير البيانات إلى أن عدداً كبيراً من المواطنين لم يعودوا يثقون في قدرة جيشهم على تحقيق الأمان، مما يعكس أزمة عميقة في التعاضد الثقافي والسياسي.
تتناول التحليلات العسكرية الوضع الحالي، حيث تعاني إسرائيل من مخاوف متزايدة في ظل صراع طويل بلا نتائج واضحة. يُعتبر يوم السابع من أكتوبر بمثابة نقطة تحول أدت إلى صدمة في الذاكرة الجماعية لليهود، وهو حدث كان الأكثر دموية في تاريخ الصراع. تتزايد التساؤلات حول مستقبل الدولة وقدرتها على البقاء تحت الضغط المستمر، في ظل وجود تصورات سلبية عن الدولة اليهودية والعرب على حد سواء.
ترجع المخاوف الإسرائيلية أيضاً إلى العوامل الجغرافية والتاريخية التي تأثرت بمظاهر القلق والتهديد الدائم. جدير بالذكر أن إسرائيل تواجه تحديات متمثلة في موقعها الجغرافي الهش وفي الذاكرة التاريخية المليئة بالمآسي، والتي تجعل الشعب الإسرائيلي يعيش دائماً تحت وطأة شعور بالخطر. يصبح هذا القلق عملياً أكثر حدة مع استمرار الحرب، حيث تعكس المشاعر الأعمق لمجتمع مشبع بالخوف من الزوال.
يتطرق الكتاب إلى آثار الحرب الاقتصادية على المجتمع الإسرائيلي، حيث يتعرض الاقتصاد لضغوط هائلة نتيجة الاستنزاف المالي الناتج عن استمرار النزاع. زيادة التكاليف العسكرية وتدهور التصنيف الائتماني تعزز من المخاوف الاقتصادية، مما يضع الدولة في وضع هش. يتزايد الاعتماد على الديون، مما يجعل التحديات أكبر على المستويات المختلفة لتحقيق الرفاهية والأمان الاقتصادي للمواطنين.
أخيرًا، يشير الكتاب إلى التغيرات في الرأي العام الغربي تجاه إسرائيل، حيث يعبر الشباب في الغرب عن دعمهم لفلسطين ورغبتهم في وقف الحرب. هذا التحول في المواقف يشكك في اعتماد إسرائيل التاريخي على الدعم الخارجي، وهو ما قد يهدد مستقبل الدولة ويعيد تقييم نظرتها في العالم. الزيادة الملحوظة في الدعوات لعزل إسرائيل سياسياً واقتصادياً تعكس تحولاً عميقًا في العلاقات الدولية التي قد تكون لها تبعات على الدولة اليهودية في المستقبل.