تسعى الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى جذب الناخبين المسلمين واليهود قبيل الانتخابات، وذلك من خلال توجيه رسائل متناقضة تهدف إلى استمالتهم. يشعر العديد من الناخبين، سواء من الجالية اليهودية أو المسلمة، بخيبة أمل تجاه نهج إدارة جو بايدن وكمالا هاريس فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. تعتبر بعض قادة الجالية اليهودية أن هاريس ليست مؤيدة بالكامل لإسرائيل بسبب دعواتها لمراعاة معاناة الفلسطينيين، بينما يشعر المسلمون بأنها متواطئة في الأعمال الإسرائيلية ضد غزة. يُترك صوت المسلمين في ولايات مثل ميشيغان وجورجيا وصوت اليهود في بنسلفانيا وأريزونا ليكون له تأثير كبير على هوية الرئيس المقبل.
يستغل ترامب هذا الوضع ليقدّم هاريس على أنها تؤيد استمرار النزاعات في الشرق الأوسط، متجسدًا ذلك في تحركاتها مع شخصيات مثل ليز تشيني، التي تُعتبر رمزًا لحروب أمريكية سابقة. وفي حديث له في ميشيغان، انتقد ترامب هاريس بشدة وأشار إلى دور عائلتها في الحروب. بينما يسعى ترامب لتصوير نفسه كمرشح يسعى للسلام، وبالرغم من دعمه السابق لإسرائيل، يدعو إلى إنهاء سريع للقتال بين حماس وإسرائيل، مما يعكس مساعيه لجذب الناخبين الذين يشعرون بالتجاهل من هاريس.
يبرز الإمام بلال الزهيري، أحد قادة الجالية المسلمة في ديترويت، جانبًا آخر، حيث يرغب في التركيز على مستقبل التعامل مع ترامب بدلاً من ماضيه. يعتقد الزهيري أن خطوة ترامب للقاء الجالية الإسلامية والاستماع لمطالبهم تشير إلى بداية جديدة يمكن أن تُبنى عليها علاقات أفضل. يأتي هذا في الوقت الذي يعترف فيه ترامب بأنه سيكون منفتحًا على التفاوض مع إيران، معتبراً أن توسيع دائرة التحالفات مع الدول العربية عبر الاتفاقيات الإبراهيمية هو جزء من استراتيجيته المحتملة في حال فوزه بالانتخابات.
في ظل هذه الأجواء، يوضح بعض مؤيدي ترامب أن الرسائل الموجهة للجالية المسلمة لا تعكس تغييرًا حقيقيًا في سياسته تجاه الشرق الأوسط، وأن دعم ترامب لإسرائيل سيظل قائماً. وترى بعض الخبراء مثل دانييل بليتكا أن محاولات ترامب للتواصل مع الناخبين المسلمين هي خطوات مدروسة سياسية، حيث يسعى لاستقطاب ناخبين غاضبين تجاه سياسات بايدن وهاريس. لكن السؤال يبقى حول ما إذا كانت المواقف الأساسية لترامب ستتغير بفعل هذه الجهود الانتخابية.
عندما سُئل عن دعم قرار حظر الأونروا أو توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة، أشار فانس، نائب ترامب، إلى إمكانية تحقيق توازن بين إنقاذ الأرواح وتجنب تمكين الجماعات الإرهابية. وفي خطاباته، غالبًا ما يتجنب ترامب الخوض في تفاصيل سياساته تجاه الشرق الأوسط، ملقيًا اللوم على إدارة بايدن لفشل الأمن الإسرائيلي. وفي نفس الوقت، يُظهر ترامب سعيه لصنع تحالفات واسعة تشمل جميع الديانات، مما يرسم صورة إيجابية عن الحزب الجمهوري كحزب شامل.
بهذا الشكل، يتضح أن حملة ترامب تعكس استراتيجية متكاملة لجذب الناخبين من الفئات المختلفة، حيث يتم اللعب على مشاعر القلق والخوف من تداعيات السياسة الخارجية الحالية. الأمر الذي يعكس عدم استقرار المواقف السياسية للناخبين ويحفزهم للبحث عن خيارات جديدة، مما يزيد من التعقيد في صورة العلاقة بين الناخبين المسلمين واليهود وأي مرشح رئاسي في المرحلة المقبلة.