في تقريرها الأخير، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الجيش الإسرائيلي إلى التوقف الفوري عن الهجمات غير القانونية على الطواقم الطبية والمرافق الصحية في لبنان، محذرةً من أن هذه الأفعال قد تشكل “جرائم حرب مفترضة”. وقد وثقت المنظمة ثلاث هجمات منفصلة قامت بها القوات الإسرائيلية، حيث استهدفت تلك الهجمات بشكل متكرر الكوادر الطبية مما يعكس عدم احترام القانون الدولي والمعاهدات الإنسانية التي تحمي المدنيين والعاملين في المجال الصحي.
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن الهجمات التي وقعت في الفترة الأخيرة أسفرت عن مقتل 14 مسعفًا، حيث تم استهداف مركز للدفاع المدني في بيروت في الثالث من أكتوبر 2024، تلاها قصف لسيارة إسعاف ومستشفى في جنوب لبنان في الرابع من نفس الشهر. تُظهر هذه الأحداث النمط المتواصل للهجمات الإسرائيلية التي تتضمن استهداف المرافق والمعدات الطبية، مما يعكس تجاهلًا صارخًا لحقوق الإنسان وقوانين الحرب.
في السياق ذاته، قدمت وزارة الصحة اللبنانية بيانات مروعة، حيث أكدت أن الهجمات الإسرائيلية أدت إلى مقتل 163 من عناصر القطاع الصحي في لبنان حتى الـ 25 من أكتوبر 2024. بالإضافة إلى ذلك، تأثرت 158 سيارة إسعاف و55 مستشفى جراء هذه الهجمات، مما يزيد من تفاقم أزمة القطاع الصحي في البلاد. يُظهر هذا الوضع مدى الضرر الذي لحق بالبنية التحتية الصحية، التي تعاني بالفعل من صعوبات كبيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية والسياسية في لبنان.
وحذرت المنظمة من أن الاعتداءات المستمرة على الكوادر الصحية تساهم في تدمير القطاع الصحي المتداعي في لبنان وتزيد من المخاطر التي تواجه العاملين فيه. تتعرض هذه الكوادر، الذين يتمثل دورهم في تقديم الإسعافات والرعاية الطبية للمصابين، لخطر جسيم جراء هذه الهجمات، مما يعيق قدرتهم على أداء واجباتهم الإنسانية ويعرض حياة المدنيين المصابين للخطر.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن الهجمات الإسرائيلية على المنشآت الطبية لا تضر فقط بالعاملين في القطاع الصحي، بل تؤدي أيضًا إلى صعوبة حصول المدنيين على الرعاية الطبية الطارئة التي يحتاجونها. تضيف هذه الأزمة إلى الضغط النفسي والجسدي المتزايد على المستشفيات والكوادر الطبية، مما يجعل من الصعب عليهم تلبية احتياجات المرضى في ظل الظروف الحالية.
في النهاية، دعت المنظمة المجتمع الدولي وحلفاء إسرائيل إلى اتخاذ موقف حازم من هذه الانتهاكات، بما في ذلك تعليق نقل الأسلحة إلى إسرائيل، نظراً للخطر الحقيقي المتمثل في استخدام هذه الأسلحة لارتكاب انتهاكات جسيمة. إن هذه الدعوات تشير إلى ضرورة قيام بلدان العالم بتحمل مسؤولياتها تجاه حماية حقوق الإنسان وتعزيز القوانين الدولية التي تهدف لحماية المدنيين، وخاصة في أوقات النزاع وأثناء الأزمات الإنسانية.