أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها الأخير بأن السوريين العائدين إلى بلادهم من لبنان بعد هروبهم من العدوان الإسرائيلي، يواجهون مخاطر جسيمة تتمثل في القمع والاعتقال التعسفي. وقد وثقت المنظمة اعتقالات عديدة للسوريين العائدين، مشيرةً إلى أن هؤلاء يعودون إلى بيئة مهددة بالاحتجاز والانتهاكات من قبل السلطات السورية. وقد تم تسليط الضوء على الوفيات المريبة التي تعرض لها العائدون، مما يشير إلى الحاجة الملحة لمراقبة فعّالة للانتهاكات الحقوقية في سوريا.

وفقًا للتقرير، رحل أكثر من نصف مليون شخص من لبنان إلى سوريا منذ 23 سبتمبر 2024، في سياق تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان. بين هؤلاء العائدين، يوجد ما يزيد عن 355 ألف سوري، وفقًا للبيانات الرسمية من السلطات اللبنانية. ويشير التقرير إلى أن العديد من رجال هذه الفئة معرضون بشكل خاص للاحتجاز التعسفي، مما يثير قلقاً كبيراً بشأن أوضاعهم عند العودة إلى الوطن.

ويعرض التقرير تفاصيل اعتقالات موثقة وقعت في أكتوبر/تشرين الأول، حيث تم تسجيل حالات لعائدين تم اعتقالهم عند معبر الدبوسية بين لبنان وسوريا. وبحسب تصريحات أقارب المعتقلين، فإن جهاز المخابرات العسكرية السورية هو الجهة المسؤولة عن هذه الاعتقالات، وهو ما يثير مخاوف من تضاعف الانتهاكات بحق العائدين. وتقدّم إحدى الشهادات لرواية زوجة تعرض زوجها للاعتقال الفوري عند عودته.

من جهة أخرى، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال ما لا يقل عن 26 لاجئًا سوريًا خلال الفترة بين 23 سبتمبر و25 من الشهر الجاري، مما يعكس الوضع الخطير الذي يجد العائدون أنفسهم فيه. ويؤكد آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، أن عودة السوريين ليست علامة على تحسن الأوضاع داخل سوريا، بل تدل على غياب البدائل الآمنة في ظل المخاطر المتزايدة في لبنان.

تعتبر الظروف الراهنة في لبنان معقدة وصعبة، حيث أدت الغارات الإسرائيلية إلى تدمير معابر حدودية، مما جعل العائدين في وضعية ضعف أكبر. يوثق التقرير أيضًا أن ما لا يقل عن 1754 شخصًا قد قضوا نتيجة الغارات الإسرائيلية خلال الشهر الجاري، موضحًا بذلك حجم التهديد الذي تعيشه المنطقة. تكشف هذه الأرقام عن ضرورة إيجاد حلول تضمن سلامة العائدين وتحفظ حقوقهم.

في الختام، تبرز حالة السوريين العائدين من لبنان إلى سوريا واقعًا مأساويًا، حيث يُجبرون على العودة إلى بيئة تعج بالمخاطر والانتهاكات. إن التهجير والاعتقال التعسفي الذي يتعرضون له يعبر عن أزمة إنسانية عميقة، تستدعي استجابة دولية فعّالة لحماية حقوق هؤلاء الأفراد وتوفير الأمان لهم في ظروف تعكس المعاناة المستمرة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version