على مدى السنوات العشر الماضية، أطلق المغرب الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بهدف تعزيز النزاهة وتقليص الفساد بشكل ملحوظ بحلول عام 2025. تستهدف هذه الاستراتيجية تعزيز ثقة المواطنين في الحكومة وتحسين المناخ العام للأعمال، مع سعي البلاد للوصول إلى 60 نقطة من 100 في مؤشر مدركات الفساد بحلول عام 2025. ومع ذلك، يبدو أن هذه الأهداف ما زالت بعيدة المنال، خاصة بعد تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لعام 2023، الذي أظهر مجموعة من الاختلالات.

كشف التقرير عن تراجع المغرب في مؤشر مدركات الفساد، حيث حصل على 38 نقطة، مما يعكس انخفاضًا قدره 5 نقاط خلال السنوات الخمس الأخيرة. وقد ساهم ذلك في تراجع ترتيب البلاد من المرتبة 73 إلى 97 عالميًا. كما تدهور الوضع بشكل ملحوظ في مؤشرات الفساد السياسي وتطبيق القانون. وأشار رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة، محمد بشير الراشدي، إلى أن الوضع الحالي يعكس واقعاً بنيوياً عميقاً يستدعي بذل مزيد من الجهود من الجهات المعنية.

رافق التقرير انتقادات حادة تجاه الحكومة من قبل بعض المحللين، حيث اتفق عدد من الخبراء على أن الفساد يكلف الاقتصاد المغربي بين 4 إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعادل خسارة تصل إلى 20 مليار درهم في السنة. واعتبرت الفئات الضعيفة الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة، فيما أوضح التقرير أن هناك قطاعات معينة مثل الأعمال والاستثمار تظل أكثر عرضة للرشوة والفساد.

وفي جعبة التقارير، استعرضت الهيئة أيضًا قضايا الجرائم المالية وعددها، والتي بلغت 716 قضية في سنة 2022، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة التعامل بجدية مع أفعال الفساد المتنوعة مثل الاختلاس والرشوة الانتخابية. وقد حظيت أرقام الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة بقدر من الأهمية، حيث سجلت 243 حالة ضبط لمشتبه بهم في حالة تلبس. ورغم وجود هذه الإحصائيات، لا يزال الناس يتصورون أن الفساد يقتصر فقط على الرشوة.

تم لخطة التصدي للفساد نزاع واسع، حيث تعاطى الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، مع التقرير بنبرة تأكيد على الجهود المبذولة لمحاربة الفساد. وهو ما يعكس جدلاً مستمراً حول فعالية الاستراتيجيات المعمول بها، حيث تكمن المشكلة في غياب تنسيق فعّال بين مؤسسات الدولة وعدم استغلال الجهود المتوافرة بشكل أمثل. وفي ظل التحديات، هناك دعوات لتسريع إجراءات قانونية مثل تجريم الإثراء غير المشروع وتعزيز القوانين المتعلقة بتضارب المصالح.

في النهاية، يشير الراشدي إلى أن تحقق تقدم ملموس في مكافحة الفساد يتطلب إطلاق دينامية جديدة تهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة. وأن تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد يحتاج إلى تنسيق فعّال بين جميع المعنيين، لضمان إنتاج أثر قوي ومستدام. فحكومة المغرب مطالبة بمضاعفة الجهود وأن تستفيد من الدروس المستفادة للاستفادة من الإمكانيات الكاملة لمكافحة الفساد وتعزيز التنمية والازدهار في البلاد.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version