في تصريحات مثيرة للجدل، ألمح الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى إمكانية استخدام الجيش الأميركي ضد ما وصفه بـ”العدو الداخلي”، وهو ما أثار قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية. ففي حديثه، اعتبر ترامب أن تهديدات الأمن الداخلي أشد خطورة من التهديدات الخارجية، مشيرًا إلى وجود “مجنونين من اليسار الراديكالي” في الداخل، مما يستدعي تدخل الحرس الوطني أو الجيش. تأتي هذه التصريحات في سياق تاريخي حيث حاول ترامب سابقاً استخدام الجيش خلال احتجاجات 2020 استجابةً لمقتل جورج فلويد، وهو ما أدخل البلاد في حالة من عدم الاستقرار السياسي.

ما زالت تصريحات ترامب تثير المخاوف بشأن خططه إذا ما نجح في الوصول إلى البيت الأبيض مجددًا، لاسيما بعد حكم المحكمة العليا الأخير الذي منح الرئيس حصانة من المساءلة عن أفعاله الرسمية. عدم اعتراف ترامب بهزيمته في انتخابات 2020 وكذلك التشكيك في نتائج الانتخابات المسبقة زاد من حدة القلق حول إمكانية حدوث أزمة ديمقراطية في المستقبل، خاصة مع تأكيدات من بعض الشخصيات السياسية حول إمكانية تدخل الجيش في هذه الأوقات الحرجة.

خلال المناظرات الرئاسية، أعلن ترامب بشكل صريح أنه لن يتعهد بقبول نتائج الانتخابات إذا ما هُزم، مما يعتبر سابقة خطيرة في الديمقراطية الأميركية، حيث يشكك رئيس سابق في نزاهة الانتخابات. جميع هذه الإشارات تطرح تساؤلات حول موقف القوات المسلحة في حالات الطوارئ السياسية المقبلة. إذ اعتُبِر تدخل الجيش في السياسة أمرًا غير مقبول، حيث عبر جو بايدن سابقاً عن ثقته في أن الجيش سيتدخل إذا رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض.

الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، أكد في مناسبات عدة أن الجيش ليس له دور في الصراعات السياسية وأن أي نزاع انتخابي يجب أن يُحل من قبل المحاكم الأميركية والكونغرس وليس عبر القوة العسكرية. ما يؤكد عليه المؤسسون للولايات المتحدة هو أهمية الفصل بين المؤسسة العسكرية والسياسة، حيث أُنشئت قوانين لحماية هذا الفصل ومنع أي محاولات للسيطرة العسكرية على السلطة السياسية.

التاريخ الأميركي يؤكد أن لا مكان للجيش في العملية الانتخابية، فقد جرت العادة على أن يتولى المدنيون قيادة وزارة الدفاع، بينما يمكن للجنود التصويت أو حتى الانخراط في العمل السياسي بعد ترك الخدمة. هذا النظام المعتمد يسهم في تعزيز الديمقراطية ويُجسد مبدأ خضوع القوات المسلحة لأوامر المدنيين، مما يحد من احتمالات الإخلال بالنظام السياسي.

تاريخ الانتخابات الأميركية يظهر أنه بالرغم من المنافسة الحادة والتوترات بين المرشحين، فإن الاعراف الديمقراطية تُلزم الطرف الخاسر بتهنئة الفائز. لقد أصبحت هذه العملية رمزية تعكس الرغبة في الحفاظ على استقرار النظام الديمقراطي. ومع ذلك، فإن تهديد ترامب بتحدي هذه الأسس يضع الديمقراطية الأميركية أمام اختبار حقيقي ويشير إلى احتمالية تعرضها لمخاطر أكبر، مما يستوجب انتباه جميع الأطراف المعنية لضمان استمرار النظام الديمقراطي بشكل فعّال.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.