خلال الأسبوعين الماضيين، تزايدت التقديرات في إسرائيل حول احتمال شن هجوم على المواقع الاستراتيجية الإيرانية، وذلك في ردٍ على الهجمات الصاروخية من طهران التي استهدفت أهدافًا إسرائيلية في الأول من أكتوبر. وسبب الهجمات الإيرانية، بحسب المسؤولين الإيرانيين، هو رد فعل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس والأمين العام لحزب الله، بالإضافة إلى المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة ولبنان. تشير التوقعات إلى أن الرد الإسرائيلي سيكون “حازمًا وقويًا”، لكن هناك تقارير عن جهود أمريكية تهدف إلى تقليل قوة الرد الإسرائيلي ومنع التصعيد.

يوضح الخبير العسكري العقيد ركن حاتم الفلاحي مجموعة من الحقائق التي يمكن أن تسهم في فهم طبيعة الرد الإسرائيلي المحتمل. أولاً، يتمتع البرنامج النووي الإيراني بتوزيع جغرافي واسع، حيث يشمل 17 موقعًا نوويًا، مما يمثل تحديًا كبيرًا للقوة الجوية الإسرائيلية، خلافًا لتجاربها السابقة في العراق وسوريا حيث كانت المنشآت مركزة في مناطق محددة.

ثانيًا، أي ضربة إسرائيلية محتملة على البرنامج النووي الإيراني ينبغي أن تصاحبها عمليات ضد نظم الدفاع الجوي ومنصات الصواريخ ومراكز القيادة والسيطرة الإيرانية، لتعطيل قدرة إيران على الرد. الأمر الذي يعني أن سلاح الجو الإسرائيلي سيحتاج إلى تقسيم جهوده بين الأهداف العسكرية والنووية، مما يعقد العملية العسكرية ويزيد من تحديات التنفيذ.

ثالثًا، تشير التقديرات إلى أن هناك تحديًا كبيرًا يتعلق بتأمين القنابل اللازمة لقتل الأهداف بعمق يتراوح بين 70 إلى 100 متر. إضافة إلى ذلك، يتوجب على إسرائيل تأمين جميع مراحل التحليق للطائرات المهاجمة عبر الأجواء الدولية، ما يتطلب موافقات من الدول التي ستعبرها، وهذا قد يوسع الصراع في المنطقة بشكل كبير لوجود احتمالية لاستهداف إيران لتلك الدول.

رابعًا، تحتاج الطائرات التي ستشارك في الهجوم إلى التزود بالوقود، ما يجعلها بحاجة إلى قاعدة صديقة، الأمر الذي يزيد من تعقيد التنسيق العسكري ويعني أنّ عدم موافقة الدول المعنية قد يحول دون نجاح الهجوم.

خامسًا، إن عمليات الهجوم التي تستهدف المنشآت الاقتصادية، مثل المنشآت النفطية، قد تؤثر بشكل كبير على أسواق النفط العالمية، مما قد يؤثر بدوره على المشهد السياسي الأمريكي وخصوصًا مع قرب الانتخابات. كما يشير الفلاحي إلى إمكانية قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز، مما سيوسع نطاق التصعيد.

سادسًا، لإنجاح أي ضربات، يمكن لإسرائيل استهداف عدد من القواعد العسكرية الإيرانية المباشرة، لكن من غير الممكن تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل نظرًا لتوزعه على مناطق جغرافية متعددة. في الوقت ذاته، تحتاج إسرائيل إلى دعم أمريكي فاعل، إذ لم يتوفر لها قدرة جوية كافية لتنفيذ هذه الضربات بمفردها.

في الختام، يؤكد الفلاحي على التحديات الكبيرة التي تواجه إسرائيل في حال اتخاذها قرارًا بشن هجوم على إيران، بما في ذلك البعد الجغرافي، وكثافة الغطاء الجوي المطلوب لضمان نجاح العملية. وبالتالي، من المرجح أن تلجأ إسرائيل إلى خيارات بديلة تستهدف أهدافًا عسكرية معينة دون اللجوء إلى استهداف البرنامج النووي الإيراني بشكل مباشر، مما يجعل مشاركة أمريكا عنصرًا حاسمًا في أي تحركات مستقبلية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version