تزايدت حدة الاشتباكات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، لاسيما في المناطق القريبة من الحدود الدولية. جاء ذلك بعد سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية التي شنتها تل أبيب تحت استراتيجية “الأرض المحروقة”، مما دفع السكان إلى إخلاء منازلهم. يتم تقسيم الجنوب اللبناني إلى ثلاثة قطاعات رئيسية تعاني من المواجهات المسلحة، وهي القطاع الغربي الذي يشهد نشاطًا كبيرًا في مناطق مثل راميا، والقطاع الأوسط الذي ينتشر فيه القتال بصورة مستمرة بين عيتا الشعب وبنت جبيل، والقطاع الشرقي الذي يتمركز فيه الهجوم الإسرائيلي.

في كل من هذه القطاعات، يسعى جيش الاحتلال إلى إحراز تقدم. في القطاع الغربي، تركزت محاولات التقدم حول محور راميا-عيتا الشعب، بينما تشتبك القوات في القطاع الأوسط حول مارون الراس ويارون. أما في القطاع الشرقي، فتدور معارك حاسمة في مناطق مركبا ورب ثلاثين والطيبة والعديسة. ووفقًا لما يُعلنه جيش الاحتلال، فإن الهدف الرئيس هو تحويل المناطق الحدودية إلى “أرض محروقة” لمنع تسلل عناصر حزب الله، وتدمير بنيته التحتية ومراكزه، تمهيداً لإنشاء منطقة عازلة.

يتبع حزب الله استراتيجية دفاعية مرنة تعتمد على الانسحاب التكتيكي وتنفيذ الكمائن، ما أسفر عن تكبد جيش الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات. وأوضح الخبير العسكري حسن جوني، أنه رغم الانطلاق المحدود للعملية البرية الإسرائيلية قبل عشرة أيام، فقد عانت القوات من مفاجآت في قدرات حزب الله الدفاعية، مما أدى إلى إصابات في صفوف جيش الاحتلال، وتراجع مستمر في تقدمه بعد انكشاف تكتيكاته.

بالنسبة للقطاع الشرقي، يلعب دور الفرقة 98 الإسرائيلية مهمة رئيسية في العمليات، حيث تسعى للتقدم نحو نهر الليطاني عبر احتلال التلال المشرفة. ومع ذلك، يواجه جيش الاحتلال عائقًا كبيرًا يتمثل في وادي الحجير، الذي شهد تجارب سابقة مريرة على الإسرائيليين. لذلك، فإن الجيش قد يسعى إلى السيطرة على المناطق المرتفعة المحيطة بالوادي بدلًا من التوغل المباشر فيه، مما يتيح له التحكم بالنيران.

أشار جوني أيضاً إلى أن المقاومة الشرسة من قبل حزب الله، خاصة في القطاع الغربي، جعلت جيش الاحتلال يتبنى تكتيكات تعتمد على التنقل السريع وتغيير مسار الهجوم. في المقابل، يعتمد الحزب على مناورة ذكية تُمكّنه من الحفاظ على خطوط الدفاع دون الحاجة لنقل قواته بشكل كبير. وهذا يعني أن كل محور يتقدم عليه جيش الاحتلال لديه نقاط دفاع جاهزة لمواجهته، مما يزيد من صعوبة التقدم الإسرائيلي.

بصفة عامة، يقول جوني إن العمليات البرية الكبرى التي أعلنت عنها إسرائيل لم تحقق إنجازات ملموسة حتى الآن، والقتال يظل محصورًا لأيام ولا يتجاوز بضع مئات من الأمتار، مع تنفيذ عمليات محدودة من قبل القوات الخاصة. هذه الأوضاع العسكرية توضح تحديات صعبة تواجهها إسرائيل في تحقيق أهدافها في المنطقة، مما يجعل أي تقدير للمعركة مرهونًا بتحولات جديدة قد تطرأ في السياق القائم.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version