قال الخبير العسكري والإستراتيجي إلياس حنا إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتوقع أن تستمر العملية العسكرية في مخيم جباليا، الواقع شمالي قطاع غزة، لعدة أشهر. وأوضح حنا خلال تحليله العسكري أن الهدف الرئيسي من هذه العملية هو عزل المخيم عن بقية المناطق الشمالية من القطاع، مما يعكس الأهمية الكبيرة للهدف المطلوب تحقيقه. وقد تم نشر فرقة عسكرية كاملة تقريباً في المنطقة، مما يدل على أن الهدف من العملية يتطلب قوة عسكرية ضاربة، نظراً للتحديات التي قد تواجه الاحتلال في تحقيق أهدافه.
وتاريخياً، يُعتبر مخيم جباليا مركزاً حيوياً للمقاومة الفلسطينية، إذ تعرض لأكثر من عملية عسكرية إسرائيلية على مر السنين. فقد قام رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون باقتحام المخيم عام 1971، ما أدى إلى دمار واسع في البنية التحتية. كما عانى المخيم من ثلاث عمليات قصف عنيفة خلال بداية الحرب الحالية، حيث استخدمت القوات الإسرائيلية قنابل ضخمة تزن نحو ألفي رطل، مما تسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين. لذا، يهدف الاحتلال إلى تقليص قدرات المقاومة في المخيم، إلا أن حنا يتساءل عن ما إذا كان الهدف الحقيقي مقتصراً على المخيم فقط.
في سياق آخر، أشار حنا إلى وجود فكرة أوسع تتعلق بالأهداف الإسرائيلية، حيث تحدّث عن “خطة الجنرالات”. هذه الخطة تهدف بشكل رئيسي إلى التدمير والتهجير، مما يُرجح فرض سياسة جديدة تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على الانتقال إلى المناطق الجنوبية من القطاع. في هذا السياق، يسعى الاحتلال إلى السيطرة الكاملة على المنطقة الشمالية، مما يقضي على أي وجود محتمل للمقاومة الفلسطينية هناك.
بالإضافة إلى ذلك، انتقد حنا التصريحات الإسرائيلية التي تعتبر غزة “مسرحاً ثانوياً” للعمليات، مشيراً إلى أنها تأتي ضمن عملية عقلنة القرار العسكري. وأوضح أن لكل مرحلة من مراحل الحرب خياراتها الخاصة، وأن جيش الاحتلال يحاول إقناع الشعب الإسرائيلي بأن العمليات في غزة قد انتهت بشكل فعلي، وأن مستوى الحرب بات منخفض الشدة في تلك المنطقة.
ثم ناقش حنا إمكانية أن يكون إعلان غزة مسرحاً ثانوياً مقدمة لتحويل الأولوية إلى الجبهة الشمالية، مما يتطلب توجيه المزيد من الجنود والآليات العسكرية إلى تلك المناطق. يُظهر ذلك تغييراً محتملاً في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث يمنح السياسيين والعسكريين القدرة على اتخاذ خطوات قد لا تكون مقبولة لدى الجميع، ولكنها تعكس تحولاً في توزيع الموارد العسكرية الإسرائيلية.
خلاصة القول، توضح هذه التحليلات أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في مخيم جباليا وما يرافقها من خطط عسكرية أوسع تنبع من استراتيجية متكاملة تهدف إلى تقليص قدرات المقاومة الفلسطينية. وبينما يبذل الاحتلال قصارى جهده لعزل المخيم وضمان السيطرة على المنطقة الشمالية، تُشير التحليلات إلى أن أي نجاح في ذلك قد يتطلب تضحياتً كبيرة، سواء على المستوى العسكري أو الإنساني، مما يعكس تعقيدات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر.