قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن حزب الله قد وسع نطاق عملياته العسكرية، مستهدفاً مواقع حيوية داخل العمق الإسرائيلي، تصل إلى مسافة 65 كيلومتراً من الحدود اللبنانية. وقد أوضح خلال تحليل عسكري شامل أن العمليات العسكرية للحزب ركزت على محورين رئيسيين: الأول هو محور عسكري، حيث يستهدف قاعدة ميرون للمراقبة الجوية شمال غرب صفد، والثاني هو محور اقتصادي، يركز على منطقة الكريوت شمال حيفا. وأكد حنا أن استهداف هذه المواقع يأتي في سياق سعي حزب الله لتحويل حيفا، المعروفة بأنها العاصمة الاقتصادية لإسرائيل، إلى منطقة مشلولة، كما حصل في كريات شمونة وإصبع الجليل، ما يبرز الأهمية الاستراتيجية لموقع الكريوت الذي يضم أكثر من 250 ألف مستوطن ومرافق حيوية.
في سياق العمليات العسكرية لحزب الله، شدد حنا على تركيز الحزب على استهداف تجمعات الجنود الإسرائيليين، وبخاصة في المناطق المحيطة بأفيفيم وشميرا، حيث تعتبر هذه المناطق نقاط انطلاق للهجمات والعمليات العسكرية في عمق الأراضي الإسرائيلية. كما يستهدف الحزب موقع المالكية العسكري في الأطراف الجنوبية لإصبع الجليل، مع اهتمام خاص بالخط الغربي الممتد من المطلة إلى المالكية، مروراً بكريات شمونة. وفي تطور ملحوظ، أشار حنا إلى تراجع وتيرة العمليات القتالية البرية داخل الأراضي اللبنانية، مع رصد انسحابات للقوات الإسرائيلية من مناطق كانت قد توغلت فيها، بينما يستمر حزب الله في استهداف التجمعات العسكرية الإسرائيلية.
وفيما يتعلق بالإستراتيجية العسكرية لحزب الله، أكد حنا على أن الحزب يعتمد بشكل كبير على استخدام مزيج من الصواريخ والطائرات المسيرة في عملياته. وقد أشار إلى أن استخدام الطائرات المسيرة يمثل جزءاً من إستراتيجية الاستنزاف الاقتصادي والنفسي، موضحاً أن تكلفة تشغيل كل مسيرة تتراوح بين 5 إلى 10 آلاف دولار، في حين تتطلب العمليات الجوية التقليدية للطائرات الحربية الإسرائيلية تكاليف تصل إلى 40 ألف دولار في الساعة. هذا الأمر يعكس فعالية التكتيكات التي يستخدمها حزب الله لتحقيق أهدافه العسكرية بإجراءات أقل تكلفة.
وأوضح حنا أيضاً أن هناك احتمالية عالية لتجهيز حزب الله لاستخدام الخط البحري لاستهداف أهداف محددة على طول الساحل من الناقورة إلى عكا، وصولاً إلى حيفا، حيث يمتلك الحزب قوارب سريعة وأسلحة بر-بحر، مما يشكل تهديداً إضافياً للجيش الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، أبرز الجوانب المتعلقة بالتوجهات الإسرائيلية، حيث تسعى القوات الإسرائيلية بشكل مكثف لحماية المنطقة الحدودية، مع تحديد نطاق عملياتها في عمق 4 كيلومترات من الحدود، حيث يتم قصف الداخل اللبناني بهدف رفع كلفة العمليات على حزب الله والحد من تأثيره.
وبإضافة المزيد من التعقيد، يتضح أن الاستهداف العسكري لحزب الله يتجاوز الحدود التقليدية، ويعكس تحولاً في الصراع الإقليمي، حيث يسعى الحزب للعب بسلاح الاتجاهات الاقتصادية فضلاً عن العسكري. هذا الاستهداف يعكس نية الحزب لتحقيق تأثيرات طويلة الأمد على الاقتصاد الإسرائيلي، مما قد يؤثر على الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة. يتعامل الحزب مع معادلة صعبة، حيث يتعين عليه مواصلة الحرب النفسية والعمليات العسكرية في خضم جهود مكثفة من الجيش الإسرائيلي لترسيخ وجوده على الأرض.
وفي الختام، يتبين لنا من تحليل العميد حنا أن الوضع في منطقة الحدود اللبنانية الإسرائيلية معقد للغاية، يمتزج فيه التهديد العسكري بالتحديات الاقتصادية. مما يجعل من الصعب التنبؤ بمسار النزاع المستمر، حيث تواصل الأطراف استراتيجياتها لتعزيز تواجدها ونفوذها. وتبقى الأيام المقبلة حاسمة في تحديد ملامح هذه الديناميات، والمسارات المحتملة للصراع المستمر في المنطقة.