كشف الأستاذ الجامعي والباحث الإسرائيلي عيدان لاندو، في مقال له في مجلة “972+” الرقمية، عن جوانب مروعة تتعلق بخطة الجنرالات التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، موضحًا كيف تحجب هذه الخطة عن المجتمع الدولي. تعتبر هذه الخطة تعبيرًا عن “المظهر الخادع” للاعتبارات الإنسانية، وتؤسس لخطط الاستيطان اليهودي في القطاع المحاصر، حيث يهدف الجيش الإسرائيلي من خلالها إلى إفراغ شمال قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين، الذي يُقدر عددهم بنحو 300 ألف، في وقت كانت الأمم المتحدة تذكر أن العدد أقرب إلى 400 ألف.
تتكون خطة الجنرالات من مراحل متعددة، حيث سيتم أولاً إبلاغ السكان بإخلاء المنطقة خلال أسبوع والانتقال نحو الجنوب، ثم إعلان الشمال منطقة عسكرية مغلقة، مما يؤدي إلى تصنيف أي من يبقى فيها كعدو مقاتل. يشير لاندو إلى أن هذه الخطة تصاحبها سياسة حصار شامل، مما يفاقم من معاناة السكان ويؤدي إلى تجويعهم أو حتى إبادة بعضهم، مشددًا على أن تقديم إنذارات للسكان لا يتماشى مع القوانين الإنسانية، إذ لا يمكن لقوة عسكرية إلحاق الأذى بالمدنيين حتى لو قُدمت لهم مهلة للرحيل.
يسلط لاندو الضوء على التصريحات المحفزة من قبل قائد الخطة، اللواء احتياط غيورا آيلاند، الذي دعا إلى تطبيق عقوبات جماعية على سكان غزة والعمل على التعامل معهم كما لو كانوا جزءًا من ألمانيا النازية، مما يعكس النظرة العنصرية التي ينظر بها الاحتلال إلى الفلسطينيين. كما يُشير إلى أن وسائل الإعلام والسياسيين في إسرائيل يحرصون على التعتيم على ما تضمنته الخطة، رغم الأدلة على بدء تنفيذها، ما يسفر عن تضليل الرأي العام.
يتناول لاندو في حديثه واقع سكان شمال غزة، مبرزًا أن التقديرات التي قدمها الجيش حول إمكانية مغادرة السكان كانت بعيدة عن الواقع، حيث يتعرض كل من يحاول مغادرة منزله لمخاطر إطلاق نار من قبل الجنود. ويتناول أيضًا معاناة فرق الإنقاذ والصحفيين الذين تعرضوا للهجوم في محاولة لتقديم المساعدة أو توثيق الأحداث، مما يبرز الوحشية التي يواجهها السكان تحت الاحتلال.
بالنسبة للاستراتيجية الإسرائيلية، اعتبر الكاتب أن الغارات المتواصلة والحصار الشامل، الذي يمنع دخول المواد الغذائية والدوائية، يشكلان سياسة تجويع متعمدة للسكان، موضحًا أن إسرائيل بدأت في منع دخول المواد الغذائية قبل بدء العمليات العسكرية. كما أشار إلى قصف مخازن أساسية للطعام في المنطقة، مؤكداً على أنها جرائم حرب تندرج ضمن محاولات الإبادة الجماعية.
من ناحية أخرى، يكشف لاندو عن العقل المدبر لخطة الجنرالات، وهو ليس بالضرورة جنرالات الجيش، بل فاعلون من organizaciones يمينية مثل “تساف 9″، مما يشير إلى وجود حراك سياسي وتنظيمي يدخل في صميم هذه الخطة. يُبرز الكاتب أن هناك توجهًا سياسيًا نحو هدف إعادة توطين اليهود في غزة، وهو ما يُعتبر جريمة حرب. وفي هذا الإطار، يُعلل سياسة تجويع السكان والممارسات الوحشية كممارسات ذات بعد سياسي يهدف في النهاية إلى تحقيق أهداف استعمارية.
ختامًا، يتحدث لاندو عن الأبعاد الدولية وتأثير الانتخابات الأمريكية على الصراع في غزة وتوقعاته بشأن تصرفات القيادة الإسرائيلية. يتوقع أن تستمر إسرائيل في عمليات الإبادة في شمال غزة مستغلة الأوضاع السياسية الدولية، ولكنه يوضح أن صمود أهالي غزة يجعل احتمال نجاح هذه الخطة ضئيلاً، إذ أن السكان قد اعتادوا العنف والرعب، وهو ما يجعلهم غير مستعدين للرحيل طواعية، مؤكدًا على أن الممارسات العسكرية التي تُطبق عليهم تعتبر أسلوبًا من الإرهاب الممنهج.