تبدو ثمة مؤشرات تبعث على التفاؤل بشأن الذهاب نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وفق خبيرين بالشأن السياسي، في حين قال أحدهما إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جحيم مزدوج.
ووفق الخبير بالشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، فإن ترامب وضع نتنياهو بين جحيمين، إذ يضحي الأخير بكافة الأسرى الإسرائيليين في حال مضيه خلف سيد البيت الأبيض، إضافة إلى جحيم اليمين المتطرف والمزايدة عليه في حال التنازل لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويحاول نتنياهو الخروج من الجحيم المزدوج الذي وضعه فيه ترامب -حسب مصطفى- بالتهديد باستئناف الحرب والتلويح بحرب مختلفة، وهو ما يثير قلق عائلات الأسرى التي تخشى إفشال الاتفاق “لذلك تطالب باتفاق خروج الكل مقابل الكل”.
وقال مصطفى -لبرنامج “مسار الأحداث”- إن إسرائيل تنازلت بشأن مطالب حماس الخاصة بتنفيذ البروتوكول الإنساني، متوقعا أنها لن تطبقه كاملا “وإنما بشكل جزئي بهدف حلحلة الأزمة والمضي قدما باتفاق المرحلة الأولى”.
وكانت حماس شددت الخميس على ضرورة البدء الفوري لمفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق وحمّلت إسرائيل مسؤولية أي تأخير، مؤكدة رفضها أي مماطلة مع تجديد التزامها بتعهداتها في الاتفاق.
وأعرب مصطفى عن قناعته بأن مقاربة إسرائيل للاتفاق تغيرت، لذلك حاولت تأجيل مفاوضات المرحلة الثانية لأطول فترة زمنية من أجل إتمام المرحلة الأولى وعدم كشف نواياها اللاحقة.
ووفق مصطفى، فإن نتنياهو يخشى تفسير التنازل الإسرائيلي على أنه “انتصار لحماس”، رغم إقراره بأن إسرائيل تضع استئناف الحرب أيضا ضمن خياراتها.
وفي هذا السياق، ذكرت القناة الـ14 الإسرائيلية أن وزير الدفاع يسرائيل كاتس صدّق على خطط هجومية كبيرة في حال فشل الاتفاق رسميا.
تكتيك “حافة الهاوية”
في السياق ذاته، اعتبر الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر مواقف إسرائيل المتضاربة ونزولها عن الشجرة بشأن البروتوكول الإنساني يندرج في سياق “إستراتيجية تفاوضية باستخدام الشيء ونقيضه”.
وأشار شاكر إلى تكتيك “حافة الهاوية” التي استخدمته المقاومة الفلسطينية بنجاح، وكذلك إسرائيل وأميركا اللتان تلوحان باستئناف الحرب وتتوعدان غزة بـ”الجحيم”، متوقعا مخاضا تفاوضيا أكثر تعقيدا مع الوقت.
وبشأن ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول أميركي رفيع أن ترامب يرغب في لفتة من حماس من خلال “إطلاق سراح رهائن أميركيين”، قال الباحث في الشؤون الدولية إن الإدارة الأميركية تريد استعادة مزدوجي الجنسية من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين بغزة.
وخلص شاكر إلى أن منطق ترامب “لا يقود إلى حرب جديدة في غزة”، معتقدا أن “مصلحة واشنطن تقضي بالمضي قدما بالاتفاق بمرحلتيه الأولى والثانية ثم معركة تفاوضية كبرى في المرحلة الثالثة”.
لكن مصادر للجزيرة أفادت الخميس بنجاح الاتصالات للمضي في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وأضافت أن الوسطاء أكدوا التزام الأطراف بتنفيذ جميع بنود الاتفاق بما فيها البروتوكول الإنساني.
وحسب تلفزيون مصري رسمي، اصطفت عشرات الشاحنات والمعدات الثقيلة من بينها جرافات على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي تمهيدا لدخولها إلى غزة.
وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم خلال الأولى تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية، والتفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة.