في ظل الحرب المتصاعدة بين حزب الله وإسرائيل، تتكشف استراتيجيات معقدة تتجاوز العمليات العسكرية التقليدية، حيث يبرز أسلوب التدمير الذي يتبعه الجيش الإسرائيلي في المناطق الحدودية. تشير التقارير إلى أن عمليات التدمير تستهدف مناطق مثل يارين ومروحين، إلى جانب تفخيخ وإزالة مباني في مناطق أخرى، مثل العديسة ومحيبيب. يتشابه هذا النمط مع الاستراتيجية المعتمدة في غزة منذ بداية النزاع في أكتوبر 2023، مما يدل على وجود نهج متعمد يهدف إلى تدمير البنية التحتية المدنية.
تشير تصريحات بعض الخبراء إلى أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إضعاف حزب الله من خلال تدمير المرافق الحيوية والبنية التحتية لإعاقة قدراته اللوجستية. كما أنها تهدف إلى ترويع المدنيين ودفعهم نحو النزوح، مما يخلق حالة من الفوضى في المناطق المتضررة. يرى العميد حسن جوني أن الهدف الأساسي وراء هذه العمليات هو إنشاء منطقة عازلة خالية من البناء، وهو ما يعتقد الإسرائيليون أنه سيوفر حماية لمستوطناتهم الشمالية. ومع ذلك، يعبّر عن اعتقاده بأن هذه الإجراءات لن تؤتي ثمارها، إذ لا يمكن للبنان قبول إلغاء القرى الحدودية.
في إطار الحرب النفسية، يقول المحلل السياسي علي مطر إن العمليات العسكرية لا تستهدف فقط المرافق بل تهدف أيضًا إلى تدمير مقومات الحياة للسكان. ويعبر عن تساؤلات حول مشروعية اعتبار كل المنازل أهدافًا عسكرية، مشيرًا إلى أن التدمير سيسعى لعزل الأهالي ومنعهم من العودة إلى قراهم. ورغم ذلك، يؤكد مطر أن هذه السياسات لن تمنع السكان من العودة إلى ديارهم، وأنها تعكس فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية الكبرى.
من جهة أخرى، يبرز الباحث علي أحمد، الذي يشير إلى أن بنك الأهداف الإسرائيلي نفد، وأن الاستراتيجية العسكرية الحالية تشبه تلك التي استخدمت في 2006. حيث يعتمد الإسرائيليون علي تكتيكات تقليدية مثل التدمير والدخول البري، رغم أن هذه الخطط لم تحقق نجاحًا كبيرًا. ويرى أن الضغوط العسكرية الإسرائيلية لم تنجح في كسر المقاومة، وأن السكان لا يزالون صامدين في دعمهم للمقاومة، اعتقاداً منهم أن النصر سيكون حليفهم.
الجدير بالذكر أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تتضمن أساليب متعمّدة تهدف إلى إحداث ترويع بين السكان، مثل استهداف القيادات وعملية تدمير واسعة النطاق. لكن، ورغم الأضرار الناجمة عن هذه العمليات، لا يزال السكان ملتفين حول المقاومة ويحتفظون بمعنويات عالية. تشير النبرة السائدة إلى أن الناس يعتبرون أنفسهم في قلب الصراع، ولديهم إرادة قوية للمثابرة ومواجهة أي محاولات لتفكيك الصمود.
في الختام، يستعرض الخبراء المشهد القائم بين حزب الله وإسرائيل على أنه يحمل في طياته تعقيدات متعددة. إن محاولات إسرائيل لتحقيق أهدافها عسكريًا تواجه مقاومة فعالة من قبل حزب الله والسكان المحليين، ما يعكس تحول الصراع إلى مواجهة شديدة التعقيد لا تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل تشمل أيضًا أبعادًا إنسانية ونفسية تبرز أهمية التلاحم بين السكان والمقاومة في مواجهة الاستراتيجيات الإسرائيلية.