تعتبر القضية النووية الإيرانية واحدة من أبرز المواضيع الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث تسعى إسرائيل جاهدة لمواجهة التهديد المحتمل من البرنامج النووي الإيراني. ويشير ويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، إلى أن لدى إيران القدرة على تصنيع قنبلة نووية في غضون أسبوع، لكنه يعتقد أن هناك دلائل واضحة على عدم نية إيران فعل ذلك. يأتي هذا في ظل تصاعد التوترات في المنطقة على خلفية عملية “طوفان الأقصى” والبناء المستمر للعدوان الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية ولبنان، مما دفع إيران في بعض الأحيان للرد بالهجمات، كما حدث في أكتوبر/تشرين الأول عندما أطلقت إيران مئات الصواريخ الباليستية.
تحلل المعلومات المتاحة حول قدرة إسرائيل على تدمير منشآت إيران النووية، إذ تشدد التقارير على أن المنشآت مثل نطنز محصنة للغاية، حيث يفترض أن العمق يتراوح بين 60 إلى 145 مترًا تحت الأرض. بينما تُشير التقديرات إلى أن القنابل القادرة على اختراق هذا العمق لا تمتلكها إسرائيل، الأمر الذي يشير إلى أن الضغوط على إيران قد تحتاج إلى تدخلات أكثر تعقيدًا وفاعلية، مما يجعل التفكير في إمكانية الهجوم الجوي بمفرده غير كافٍ.
من الجدير بالذكر أن إسرائيل قد نجحت في تدمير مفاعلات نووية في السابق، ولكنها كانت بسيطة مقارنة بمفاعلات إيران، مما يجعل التهديد أكبر. يحذر الخبراء، مثل ديفيد دي روش، من أن استخدام القنابل التقليدية قد لا يكون فعالًا، ويقترحون استخدام طرق أخرى كالهجمات السيبرانية أو الإغارة بقوات خاصة، حيث إن هذه الخيارات قد تكون الأكثر فعالية لتعطيل أو تحييد القدرات النووية الإيرانية.
في نفس السياق، يرى الخبراء مثل جيمس أكتون أن الهجمات على المفاعلات النووية الإيرانية قد تؤدي إلى تعزيز رغبة إيران في تطوير أسلحة نووية، بدلاً من القضاء على المشروع النووي بشكل فعّال. من المهم التفريق بين أنواع المنشآت، حيث أن نطنز قد تكون أكثر عرضة للهجوم، ولكن فوردو، الواقعة في جبل، ستكون أكثر حصانة. وبالتالي، تعد أي خطة لضرب البرنامج النووي الإيراني معقدة للغاية وتحتاج لدراسة دقيقة لتفادي تعزيز العزيمة الإيرانية.
يجمع الخبراء على أهمية التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل في حال اتخاذ خطوة نحو ضرب المرافق النووية الإيرانية. ومع ذلك، يُرجح أن تحاول إسرائيل تنفيذ هجوم بشكل مستقل، حيث يعتقد أن الولايات المتحدة لن توافق بسهولة على المشاركة في هجوم محتمل، إدراكًا منها للتبعات السيئة التي قد تنجم عن ذلك، حيث سيكون على التأكد من عدم إمكانية إعادة بناء البرنامج بسرعة.
في النهاية، تبقى القضية النووية الإيرانية حاضرة وبقوة في الخطط العسكرية والسياسية الإسرائيلية، ومعها يظل التساؤل مفتوحًا حول مدى إمكانية نجاح أي هجوم محتمل في تحقيق الهدف بعيد المدى المتمثل في إيقاف البرنامج النووي الإيراني بشكل نهائي، دون تعزيز قدرة إيران وعزمها على حماية برنامجها وتأمين استمراريته.