مع انقضاء مئة يوم على تولي السير كير ستارمر رئيس وزراء المملكة المتحدة وزعيم حزب العمال، وجدت حكومته نفسها أمام مجموعة من التحديات الهامة سواء كانت داخلية أو خارجية، وهو ما أثار تساؤلات حول قدرته على الاضطلاع بمسؤولياته. لقد شهدت شعبيته تدهورًا ملحوظًا، حيث أظهرت استطلاعات الرأي تراجعًا قدره 33 نقطة، مما يعكس خيبة أمل تأثيرت على الكثير من مؤيدي حزبه. كما عانت الحكومة من مشاكل داخلية تجلت في توترات بين أعضاء الفريق الإداري، حيث تمت إقالة مديرة موظفيه السابقة واستبدالها بمورغان ماك سويني، مما ترك تساؤلات حول قدرات الأخير الإدارية في ظل الظروف الحالية.

تتزايد الضغوط على حكومة ستارمر بسبب الوضع المالي الذي يكتنفها، حيث ارتفع عجز الميزانية إلى 22 مليار جنيه إسترليني. وحذرت وزيرة الخزانة من اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بالضرائب والإنفاق. يحظى موضوع معاشات التقاعد بأهمية خاصة نظرًا للقلق الذي يساور كبار السن بشأن الدعم المالي في ظل تزايد تكاليف المعيشة. يعمل ستارمر على إصلاح نظام المعاشات عبر زيادة الاستثمار في الاقتصاد المحلي، لكن إلغاء دعم الوقود الشتوي أثار جدلاً كبيرًا، مما يعكس الضغوط المتزايدة عليه وقدرته على تحقيق وعوده الانتخابية.

تعد العلاقة مع الاتحاد الأوروبي من أبرز التحديات التي تواجه حكومة ستارمر، خاصة مع تباين وجهات نظر المواطنين حول اتفاقية “بريكست”. يسعى ستارمر لإعادة بناء العلاقات التجارية مع الدول الأعضاء وكيفية تعزيز التعاون بين الطرفين، وهو ما يشكل ضرورة ملحّة لتعزيز الاقتصاد البريطاني. بالإضافة لذلك، تتعاظم ضغوط الحرب في أوكرانيا على الحكومة، حيث تتطلب التعامل مع القضايا الدولية بشكل فعال من خلال تقديم المساعدات لأوكرانيا وإدارة التداعيات الاقتصادية لذلك.

في مجال السياسة الخارجية، يُعتبر الوضع في فلسطين أحد الملفات الحساسة بالنسبة إلى ستارمر، حيث يواجه انتقادات بسبب عدم اتخاذه مواقف واضحة بشأن الحرب على غزة. ومع تصاعد الأصوات الشعبية في بريطانيا التي تدعو إلى دعم الفلسطينيين، تبرز الحاجة لتحديد موقف حكومي أكثر وضوحًا. وعلى الرغم من تأكيده على ضرورة التوازن، فإن الانتقادات التي تعرض لها قد تؤثر سلبًا على دعم الناخبين له، مما يُظهر أهمية استجابته للضغوط الشعبية في هذا السياق.

تفاقمت أزمة الثقة في ستارمر بعد أن اضطر إلى رد هدايا مالية تلقاها منذ توليه المنصب، مما قاده لشعور بالإحباط من أدائه خلال هذه الفترة. تشكل هذه القضية محورًا إضافيًا من الانتقادات، حيث يجد البعض أن تصرفاته تتعارض مع متطلبات النزاهة في الحكومة. على الرغم من جهود المسؤولين للحد من الضرر، إلا أن هذه الأحداث تسهم في تآكل الثقة العامة، مما يزيد من الضغوط على الحكومة لتقديم أداء أفضل في ظل الظروف الحالية.

في الختام، تتأرجح الحكومة البريطانية تحت قيادة ستارمر بين التحديات الاقتصادية والضغوط السياسية، مما يتطلب منها استجابة سريعة وفعالة لمختلف الأزمات. يتصف المشهد السياسي حاليًا بعدم اليقين، حيث من المقرر أن يحدد الأداء الحكومي خلال الفترة المقبلة مسار الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد، مما يستدعي استراتيجية واضحة ورؤية مستقبلية لتعزيز الثقة الشعبية وضمان استقرار الحكومة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version