تدور الأحداث الإنسانية والصحية الجارية في مدينة الهلالية، شرقي ولاية الجزيرة في وسط السودان، حول حصار مفروض من قبل قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للسكان. شهدت المدينة ارتفاعًا مقلقًا في حالات الوفاة بسبب التسمم الناتج عن توزيع قمح ملوث من قبل هذه القوات، كما أن تقارير تشير إلى وجود ما يقارب 97 حالة وفاة و13 حالة برصاص قوات الدعم السريع. في غضون ذلك، دمرت هذه القوات العديد من آبار المياه وأسلاك الكهرباء، مما أدى إلى تفشي الظلام وانعدام المياه عن السكان.
في وصفٍ للحالة الإنسانية، أشار الأمين العام لمنصة “مؤتمر الجزيرة” إلى أن ما يجري في الهلالية يمكن اعتباره إبادة جماعية وفقًا للقانون الدولي الإنساني. فقد تم تدمير مستشفى المدينة الذي كان يخدم العديد من القرى المجاورة، كما تم نهب العديد من الصيدليات. ومن جهة أخرى، أكد أطباء سودانيون أن تلك القوات تعيق عمل الفرق الطبية، حيث تتعرض تلك الفرق لتهديدات بالقتل إذا لم تلتزم بالتعليمات الصادرة عنها.
وفي سياق التنديد بالمجازر، أعربت وزارة الخارجية السودانية عن استنكارها للأحداث الدموية في الهلالية، مشيرة إلى أن عدد القتلى بلغ 120 شخصاً بين قتيل بالتسمم والرصاص. وأكدت الخارجية أن التصعيد المستمر من قبل قوات الدعم السريع ضد المدنيين ليس سوى محاولة لاستدعاء تدخل عسكري دولي، مما يسهل على تلك القوات الحفاظ على مواقعها واستمرار السيطرة على العاصمة الخرطوم وبلدات أخرى.
تُشير التقارير إلى أن أكثر من 30 ألف مدني محاصرون في الهلالية من أصل 100 ألف من سكانها والنازحين إليها. كما تم تسجيل حالات عنف جنسي ضد النساء والفتيات في المدينة، علاوة على عمليات نهب واسعة شملت الطواحين والمعدات الغذائية. وقامت قوات الدعم السريع بفرض رسوم خيالية للخروج من الهلالية، مما زاد من معاناة النازحين الذين يعانون من ظروف قاسية.
شاهد عيان من سكان المنطقة وصف الوضع في الهلالية بأنه إبادة جماعية، حيث تمنع قوات الدعم السريع المواطنين من العودة إلى منازلهم وتحتجزهم في المساجد، الأمر الذي يزيد من حدة الكارثة الإنسانية. منذ 22 أكتوبر الماضي، تشن القوات التابعة للدعم السريع هجومًا على قرى في الجزيرة، في وقت يعاني فيه النازحون من أزمات صحية، حيث تفيد التقارير بوجود حالات كوليرا.
منصة “مؤتمر الجزيرة” كشفت عن تهجير قسري أحدث بواقع أكثر من 400 قرية، حيث بلغ العدد الإجمالي للنازحين 400 ألف شخص. هذا الوضع أدى إلى فقدان العديد من العائلات منازلها وأمواله، مما يشير إلى الحاجة الملحة لتدخل إنساني عاجل لإنقاذ السكان وإنهاء الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع على الهلالية والمناطق المحيطة بها.