تعاني المناطق الشمالية من غزة، وخاصة جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، من هجمة عسكرية إسرائيلية وحشية تسببت في تفاقم الأوضاع الإنسانية. إذ يشهد السكان حصاراً قاسياً، مما أدى إلى نقص حاد في الطعام والماء، فضلاً عن غياب الأمان وسط القصف المستمر. ويشير تقرير لشبكة “موقع 972” إلى أن العملية العسكرية التي بدأت في السادس من أكتوبر أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 640 فلسطينياً حتى الآن. ينتشر الخوف والفوضى وسط مشاهد مأساوية تتمثل في دماء وأشلاء متناثرة في الشوارع والملجأ.
بالتوازي مع الهجوم، المجندون الإسرائيليون يُظهرون مشاهد مصورة تُظهر إجبار الفلسطينيين النازحين على التوجه نحو مدينة غزة، مما يزيد من حدة المعاناة. وكشفت تقارير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أن أكثر من 20 ألف شخص نزحوا من جباليا في يوم واحد. بالإضافة إلى ذلك، تشير صور الجنود إلى أنهم قد قاموا بإحراق الملاجئ لمنع العودة، مما يعكس حجم الانتهاكات الإنسانية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي.
تتدهور الأوضاع الطبية بشكل بالغ مع الهجمات المتزايدة في شمال غزة، حيث وصف أنظمة الصحة والطاقم الطبي الوضع بـ “الكارثي”. يُعبّر الدكتور محمد صالحة، مدير مستشفى العودة في جباليا، عن يأسه واستصعابه في توفير الرعاية الطبية اللازمة، مع الإشارة إلى انقطاع الأغذية والماء والاحتياجات الأساسية. كذلك، وصف الدكتور مروان السلطان من المستشفى الإندونيسي الوضع بـ “غير قابل للتشغيل” بعد تعرض المستشفى للقصف، مما يعكس الوضع الكارثي الذي يعيشه الطاقم الطبي والمصابين.
بينما يسجل الصحفيون الوضع المتدهور، يُبدي بلال سالم استغرابه من حجم الفوضى والموت الذي وجده في غزة، حيث أصبح العمل في توثيق الأحداث خاطراً على حياته. ونقل من خلال توثيقه المأساة الإنسانية قائلاً إن الوضع في غزة يشبه الإبادة الجماعية، مع تعبيره عن شعوره بالهول والأسى بسبب ما شاهده. ومع ذلك، يرفض التراجع عن مهمته في نقل الحقيقة في ظل الهجمات المستمرة.
تتحدث الممرضة نيفين الدواسة عن معاناتها في مدرسة محاصرة حيث لم يتوفر الطعام والماء، مشيرة إلى قصف المدرسة وتدخل القوات الإسرائيلية لإجبار الناجين على الفرار. وبالرغم من الوضع البائس، تمت محاولات بعض الأفراد مثل الشاعر مصعب أبو توهة للتعبير عن حجم الكارثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مُؤكداً ضياع عائلته وتعرضهم للقصف. إذ يشعر هؤلاء الناس بأنهم محاصرون دون أي أمل للنجاة أو إنقاذ.
على الرغم من المناشدات والنداءات من المحاصرين، لا يتحرك المجتمع الدولي لمعالجة الوضع الإنساني المتدهور، مما يجعل الفلسطينيين في شمال غزة يشعرون بأنهم ضحايا للحرب التي تدمر حياتهم. إن واقع الهجوم والاحتجاز والمحاولات اليائسة للفرار يعكس قدرة الإنسان على التحمل رغم الظروف القاسية، ولكن في الوقت نفسه يُظهر ضرورة التدخل الدولي لإنقاذ الأرواح.