تواجه الأجيال الجديدة في سوريا، وبالأخص الجيل “زد” (مواليد 1996-2011)، صعوبات جسيمة نتيجة استمرار الصراع الذي بدأ قبل 13 عامًا. هذا الجيل، الذي يبلغ عدد أفراده نحو 8 ملايين بحسب المصادر الحكومية والدراسات الديمغرافية، يعاني من آثار العنف والنزوح وفقدان التعليم والرعاية الصحية. ورغم محاولاتهم الهروب نحو حياة أفضل، إلا أن النزاع المستمر والظروف الإنسانية الصعبة تطغى على آمالهم في مستقبل مشرق.

خلال فترة حكم الأسد، تأثر هذا الجيل بممارسات القمع التي مارسها النظام. جيل زد ورث الخوف والقلق من جيل والديهم، الذين شهدوا حوادث قتل واعتقالات جماعية. ومع ذلك، تصاعدت مظاهر الاحتجاج بين الشباب، حيث بدأوا في التحرك ضد سياسات الحكومات ورفعوا شعارات تطالب بالحرية والكرامة. على الرغم من محاولات النظام لتدجينهم عبر القوانين والتعليم العقائدي، إلا أن روح التمرد والبحث عن التغيير تظل قوية بين فئة الشباب.

واصل الجيل زد التظاهر وامتلأت حياتهم بأحداث مأساوية، حيث قُتل العديد منهم أثناء الاحتجاجات. كما أثرت الحرب عليهم عمومًا بصورة سلبية، حيث أظهرت الدراسات أن 53% منهم يعانون من اضطرابات نفسية مثل ما بعد الصدمة. لم تؤثر تجارب الحياة تحت القصف وحالة الطوارئ المستمرة فقط على صحتهم النفسية، ولكن أيضًا على مستقبلهم التعليمي والاجتماعي، حيث تخلوا عن مرحلة المراهقة المبكرة وتحملوا مسؤوليات الكبار مبكرًا.

العزلة عن التاريخ وتغييب الهوية كانا من نتاج الحرب، فأفاد الباحثون أن معرفتهم بتراثهم الثقافي والحضاري ضعيفة بسبب الافتقار للتعليم الجيد. تعود أسباب هذا الافتقار إلى سياسات التجهيل التي تبناها النظام الحاكم. بالإضافة إلى ذلك، انقسمت الهوية بين مفاهيم متضاربة، مما نتج عنه شعور بالضياع والافتقار إلى الانتماء.

تعاني مناطق النزوح من تدني مستوى التعليم، حيث فقد الملايين فرصة التعليم بسبب الحروب. يواجه الجيل زد صعوبات كبيرة في الحصول على التعليم الجيد والتكنولوجيا الحديثة، حيث تتلخص المعاناة في فقر الأمن وعدم الاستقرار. ومع ذلك، يعد الشباب محركات التغيير في المجتمع، وتمثل تكنولوجيات العصر الرقمي نقطة انطلاق جديدة لتحقيق الذات.

الأزمات الاقتصادية والسياسية تُفاقم من معاناة الشباب، الذين أجبروا على العمل دون إمكانية للدراسة. العديد منهم هاجروا إلى الدول المجاورة بحثًا عن مستقبلا أفضل. تشير التقارير الدولية إلى أن هناك فجوة كبيرة بين قدراتهم والقدرات التي يوفرها الآخرون في الدول المضيفة، مما يؤدي إلى القلق المستمر حول الأمن والتعليم وفرص العمل. ومع كل هذه التحديات، يبقى الأمل موجودًا بالنسبة للجيل زد في تغيير مستقبل سوريا نحو الأفضل.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version