في مقال لجيف بيزوس، مؤسس أمازون ومالك صحيفة واشنطن بوست، تم تناول مسألة الثقة والمصداقية في وسائل الإعلام التي تعاني من انحدار خطير، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن مستوى الثقة في الصحفيين ووسائل الإعلام قد انخفض بالفعل إلى ما دون مستوى الثقة في الكونغرس. يعكس هذا التراجع الكبير في السمعة خللًا جسيمًا في الصحافة المعاصرة، وهي مهنة كانت تعتبر ذات يوم من أعمدة الديمقراطية. وفي سياق الحديث، أشار بيزوس إلى أن تصنيف وسائل الإعلام انخفض إلى نطاق غير مقبول، ويجب على الصحفيين العمل بجدية أكبر لكسب ثقة الجمهور.
كما سلط بيزوس الضوء على تأثير تأييد وسائل الإعلام لمرشحي الانتخابات والذي يعتبره مسببًا لريبة الناخبين، حيث لا يسهم ذلك في دعم المرشحين بقدر ما يخلق انطباعًا بعدم الحيادية. وكان قرار واشنطن بوست بعدم تأييد أي مرشح انتخابي قرارًا مهمًا يعكس تغيرًا استراتيجيًا في كيفية تعامل الصحيفة مع السياسة. وأكد بيزوس أنه كان يفضل تنفيذ هذا القرار في وقت أبكر مما تم، حيث كانت هذه النية الروحية أكثر أهمية في الأوقات المشحونة سياسياً.
من جانب آخر، قدم بيزوس مثلاً من وضع الصحافيين، مشبهًا بينها وبين آلات التصويت، إذ أن دقة النتائج ليست كافية لوحدها، ولكن يجب أن يتمتع الجمهور بالثقة في هذه الدقة. ولفت الانتباه إلى أن العديد من الناس يعتقدون أن وسائل الإعلام متحيزة، وهو ما يمثل تحديًا أمام الصحفيين، الذين ينبغي عليهم تحسين أدائهم وكسب الثقة من خلال العمل الجاد والدقيق.
علاوة على ذلك، أشار بيزوس إلى أن مشكلة المصداقية لا تقتصر على واشنطن بوست وحدها، بل تشمل الصحف الشقيقة ومجمل وسائل الإعلام. كما أن الأمة بأسرها تواجه خطر التوجه نحو معلومات مضللة، بسبب انتشار المدونات غير الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر أخبارًا غير دقيقة. وهذا يشير إلى ضرورة إعادة النظر في كيفية استهلاك الأخبار، حيث أن الاتجاه نحو المعلومات الموثوقة يعد ضرورة ملحة.
فقد أكد بيزوس أنه لن يسمح لواشنطن بوست أن تواصل في طريق الانحدار، بل يجب أن تصبح صوتًا مستقلًا وجديدًا. وعبر عن أهمية وجود مثل هذا الصوت في قلب عاصمة الديمقراطية، حيث يتطلب هذا الأمر تغييرات جذرية تعيد الصحيفة إلى مسارها الصحيح. معترفًا بوجود العديد من الصحفيين الممتازين في الشركاء، شدد على ضرورة دعمهم والتأكيد على أهمية الثقة.
في الختام، أبدى بيزوس تفاؤله في إمكانية تغيير وضع الصحافة. ورغم أن التغيير سيكون تحديًا كبيرًا، إلا أنه يعتقد أن الأمر يستحق الجهد. وأُعجب بالتزام الصحفيين في واشنطن بوست بالبحث عن الحقيقة، ورأى أن المواطن يجب أن يكون قادرًا على الوثوق في ما يصل إليه من معلومات، حيث أن بناء الثقة هو المفتاح لإنجاح العمل الإعلامي ومواجهة التحديات الراهنة.