عشية الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شهدت إيران تصاعداً في النشاطات الشعبية والدبلوماسية دعماً للقضية الفلسطينية. فقد حظي هجوم “طوفان الأقصى” الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بتفاعل كبير في إيران، حيث أقيمت احتفالات شعبية تمجد هذه العملية التي مثلت بارقة أمل للفلسطينيين، وصاحب ذلك أيضاً دعوات لإغاثة سكان غزة المحاصرين. هذا الحراك يعكس دور إيران كعاصمة لمحور المقاومة في المنطقة وسعيها للاستجابة للقضية الفلسطينية التي تعد جزءاً من سياستها الخارجية.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي، قام المواطنون الإيرانيون بتنظيم تجمعات ضخمة للمطالبة بحزم دبلوماسي لإيقاف القتال وإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقد تضمن ذلك مبادرات شعبية لجمع التبرعات وإرسال السلع الأساسية، ناهيك عن إنشاء خيام رمزية أمام مطار مهرآباد لنقل المتطوعين إلى القطاع المحاصر. يوضح الباحث مجيد صفا تاج أن هذه الحملات انسجمت مع جهود المرجعيات الدينية التي رأت في دعم المقاومة الفلسطينية واجباً شرعياً، مما أدى إلى استمرار غزة كعنصر رئيسي في جميع الفعاليات الثقافية والاجتماعية.
لم تقتصر الردود الإيرانية على الأنشطة الشعبية فحسب، بل ترافقت أيضاً مع دينامية دبلوماسية نشطة. فقد عبر المسؤولون الإيرانيون، بما في ذلك المرشد الأعلى علي خامنئي، عن دعمهم للمقاومة الفلسطينية، رغم نفي طهران علمها المسبق بالهجوم. الوزير السابق حسين أمير عبد اللهيان أنشأ دبلوماسية فعالة لوقف إطلاق النار، ورحب بانعقاد القمة الإسلامية لتنسيق موقف داعم لفلسطين. في ظل هذه الأجواء، برزت دعوات من إيران لتحذير العالم من مغبة استمرار العدوان الإسرائيلي وتهديدها بفتح جبهات جديدة إذا لزم الأمر.
على الجانب العسكري، أثبتت إيران أن لها دوراً محورياً في دعم المقاومة عبر هجمات على الأراضي المحتلة. إذ أطلق الحرس الثوري الإيراني صواريخ ومسيّرات ضد أهداف إسرائيلية، مشيراً إلى ردة فعل على الهجمات الإسرائيلية. وقد اعتبرت هذه العمليات بمثابة خطوات متزايدة نحو تصعيد الصراع. وبعد مقتل شخصيات مقاومة بارزة، تم تجديد هذه الضربات، مما يعكس الاستعداد الإيراني للاستمرار في المواجهة.
علاوة على ذلك، فإن التصريحات القوية من قادة إيران بما فيهم الجنرال حسين سلامي تعكس تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل على مختلف الأصعدة، مما يدل على أن الصراع لا يقتصر فقط على ساحة غزة، بل يمتد إلى أبعاد متعددة تشمل الإقليم والعالم. وهذا يعكس واقعاً معقداً حيث تعمل إيران على تعزيز حضورها العسكري في إطار استراتيجيتها لدعم حلفائها في المنطقة.
في الختام، تتجلى جهود إيران في دعم غزة والمقاومة الفلسطينية عبر مجموعة متكاملة من الأنشطة الشعبية والدبلوماسية والعسكرية. ويظهر الشعار “غزة الحاضر الغائب” مدى التفاعل الشعبي الإيراني الذي لا يتوقف عند حدود الجغرافيا، بل ينطلق من رؤية أوسع تعكس الالتزام بالمقاومة ضد الاحتلال. هذه الأحداث تضع إيران في قلب الأحداث الكبرى في المنطقة، مما يجعلها رائدة في محور المقاومة المدعوم من تأييد شعبي وديني يلامس قضايا الوجود الفلسطيني.