تُظهر أفكار الكاتب ليث مشتاق من كيغالي أن أفريقيا، رغم غناها بالموارد الطبيعية، تواجه تحديات كبيرة تشمل النزاعات على المياه والموارد المعدنية، الناجمة عن تغير المناخ وسوء إدارة هذه الموارد. تعاني القارة من تفشي النزاع والتوترات، حيث تُعبر مجاري الأنهار عن انقسامات سياسية ونزاعات ترتبط بمشتقاتها، مما يؤدي إلى استغلال تلك الموارد على حساب الشعوب، حيث تَظهر تأثيرات سلبية من قبل القوى العالمية على الدول الأفريقية.

من ناحية أخرى، يشير الكاتبان إلى أن أفريقيا تمتلك نسبة كبيرة من احتياطات العالم من المياه والمعادن، لكن أكثر من نصف مليار شخص يعانون من انعدام الأمن المائي. يُقّدر بأن 340 مليون شخص في القارة يفتقرون لمياه الشرب النظيفة. مثل هذا الوضع يُعتبر بمثابة قنبلة موقوتة، حيث أن نقص المياه يُعزّز من الاحتقان والتوترات، سواء داخليًا بين الدول أو خارجيا عبر الحدود. فالأمن المائي لا يقتصر فقط على توفر المياه وإنما يعكس أيضًا كيفية إدارتها بشكل يُحقق توازنًا بين الاحتياجات السكانية وأهمية التنمية.

تشير البيانات إلى أن فترة 2022-2023 شهدت زيادة بنسبة 34% في حوادث العنف المتعلقة بالموارد المائية، مما يؤكد أن أفريقيا تتصدر الدول في النزاعات المائية، إذ يُسجل حدوث نزاعات متكررة على المياه منذ عقود. تعاني العديد من الدول الأفريقية من ضغوط في إدارة الموارد المشتركة، مما يجعل الأحواض المائية موطنًا لصراعات عنيفة يحتمل أن تؤدي إلى تهجير السكان وعدم الاستقرار.

من أهم الأنهار التي تمثل بؤر توتر، نهر النيل الذي يُعتبر مصدراً للأزمات، خاصةً بين دول المنبع والمصب مثل مصر والسودان وإثيوبيا. لكن المناطق الأخرى أيضًا تشهد على تحديات كبيرة، كحوض بحيرة فيكتوريا ونهر النيجر. بينما تُعد بحيرة تشاد نموذجًا حيًا لتتبع الأثر السلبي لتغير المناخ وإدارة الموارد، إذ يتسبب الجفاف في فقدان العائدات لأكثر من 30 مليون شخص يعتمدون على هذه المنطقة.

تسعى الدول الأفريقية إلى رؤية مشتركة تُحسن من استدامة إدارة المياه، لكن تبقى المعيقات قائمة. التقرير يُشير إلى إمكانية وجود توافقات، كما حدث مع المشروع الإقليمي بين بوروندي ورواندا وتنزانيا، والذي يسهم في توليد الطاقة عبر الشلالات، مما يبرز الحاجة لتعزيز التعاون بين الدول لاستغلال الموارد بشكل مستدام.

وأخيرًا، تتزايد تحديات التغلب على الآثار الناجمة عن تغييرات المناخ الحادة، بما في ذلك موجات الجفاف والفيضانات، مما يؤدي إلى تفاقم أزمات الأمن الغذائي. ملايين الأشخاص في أفريقيا تعاني من الجوع وسوء التغذية، وبالتالي يبقى التحدي الأكبر ليس فقط في إدارة الموارد بل في كيفية مواجهة التغير المناخي لضمان الأمن الغذائي والمائي المستدام. يبرز الوضع الراهن على أنه بحاجة ماسة للاستجابة الفورية ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضًا على المستوى الإقليمي والدولي لحماية حقوق الشعوب الأفريقية وضمان مستقبل أفضل.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version