أثارت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في فرنسا مخاوف لدى العديد من التونسيين المزدوجي الجنسية من احتمال صعود اليمين الفرنسي المتطرف للحكم. وأكد البعض منهم أنهم سيغادرون فرنسا في حال وصول اليمين الفرنسي إلى السلطة، لحماية أنفسهم وأطفالهم من مخاطر العنصرية والتمييز في الدراسة والعمل. حزب التجمع الوطني حقق نتائج إيجابية في هذه الانتخابات، مما زاد من تلك المخاوف لدى المهاجرين والأجانب بشكل عام.
تناولت صحيفة “لوموند” شهادات لتونسيين يحملون الجنسية الفرنسية تسلط الضوء على تلك المخاوف، مثل حالة مهدي البالغ من العمر 42 عاماً والذي يعمل مبرمج حاسوب ويعيش حاليا في تونس. وأبدى مهدي تردده في العودة للعيش في فرنسا نظراً للتصاعد السياسي لليمين المتطرف الذي بدأ بمضايقة المهاجرين والأجانب، معربا عن قلقه على ابنته وحياتها في ظل هذا التطور السلبي.
كان مهدي قد عاد إلى تونس بعد ثورة الياسمين في 2011 نتيجة التعرض لتمييز عنصري في فرنسا، لكن مع التدهور الاقتصادي والسياسي في تونس بسبب سيطرة الرئيس قيس سعيد على السلطات، بدأ مهدي يفكر في العودة إلى فرنسا ولكنه متردد حاليا. وقد ذكرت سارة، مواطنة فرنسية من أصل تونسي، أنها اتخذت القرار بالعودة إلى تونس برغم المشاكل الداخلية هناك، لأن جنسيتها في بلدها الأصلي ليست موضع تساؤل.
بالنسبة إلى ريم، فقد اتخذت قرارا مشابها وقررت العيش في لندن عوضا عن فرنسا. وأكدت تقارير أن مؤشر التسامح تجاه المسلمين في فرنسا منخفض نسبيا، ما يجعل الوضع أكثر تعقيدا وصعوبة على مزدوجي الجنسية والأقليات. وعبرت ريم عن استيائها من انتقاد زعيم التجمع الوطني لمزدوجي الجنسية، مما دفعها للنظر بجدية في احتفاظها بجنسية غربية أخرى.
رغم ذلك، أكدت ريم أنها لن تتخلى عن جنسيتها التونسية الأصلية مطلقا، وأنها ستحافظ عليها كجزء من هويتها الثقافية والوطنية. وهذا يعكس توتر الهوية الذي يواجهه العديد من أصحاب المزدوجي الجنسية في ظل تصاعد اليمين المتطرف في أوروبا وتزايد حالات التمييز والعنصرية ضد الأقليات. يعيش مزدوجو الجنسية في تونس وفرنسا واقعا صعبا يتطلب منهم اتخاذ قرارات حاسمة لحماية أنفسهم وعائلاتهم من التمييز والظلم، سواء كان ذلك بالبقاء في الوطن الأصلي أو بالهجرة إلى بلد آخر يعتبرهم أقل تهديدا لحقوقهم وحرياتهم.