في الأحياء المختلفة من المدن التركية، يعاني العديد من العراقيين من تحديات الحياة اليومية دون وثائق رسمية، حيث يسعون لتحسين أوضاعهم الاقتصادية أو البحث عن فرص جديدة. وقد اعتبرت تركيا بالنسبة لهم محطة مؤقتة. لكنهم الآن أمام مفترق طرق جديد، بعد أن وقعت حكومتا تركيا والعراق اتفاقية تهدف إلى تسهيل العودة الطوعية للراغبين في العودة إلى ديارهم. هذه الاتفاقية قد تحمل الأمل للبعض، أو قد تزيد من تعقيدات حياة العالقين بين وطنين.
أعلنت وزارة الداخلية التركية عن توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة العراقية لتعزيز التعاون في مجال “الهجرة والعودة الطوعية”. تأتي هذه الاتفاقية كجزء من جهود مشتركة للدولتين للتعامل مع قضايا الهجرة غير النظامية وتوفير آليات آمنة ومستدامة للعراقيين الراغبين في العودة. وعبّر الوزير التركي عن أمله في أن تسهم هذه الاتفاقية في تعزيز العلاقات الثنائية، وتوفير حلول إنسانية فعالة للمهاجرين.
وفقًا للإحصاءات التركية، انخفض عدد العراقيين غير النظاميين في البلاد بشكل ملحوظ، مما يعكس الجهود المستمرة لتنظيم الهجرة. ومع ذلك، تستمر الحكومة التركية في تكثيف حملاتها الأمنية لملاحقة المهاجرين غير النظاميين، حيث تم إبعاد عدد كبير منهم من مختلف الجنسيات، بينما بلغ عدد العراقيين الرسميين في تركيا 77 ألفًا و634 شخصًا، مما يظهر أن العراقين يمثلون ثاني أكبر جالية في هذا السياق.
تعتبر مذكرة التفاهم خطوة هامة نحو تنظيم أوضاع العراقيين، حيث تركز على تسهيل عملية العودة الطوعية وضمان حماية حقوق العائدين. كما تهدف إلى تقليل الهجرة غير النظامية من خلال تعزيز التعاون بين البلدين في تبادل المعلومات والخبرات. وتعزز هذه الاتفاقية الجانب الأمني والإداري، مما يساهم في معالجة التحديات المرتبطة بالهجرة، ويتماشى ذلك مع الجهود الدولية لمواجهة قضايا الهجرة غير النظامية.
أكد مكتب الاستعلامات في دائرة الهجرة التركية أن عمليات العودة الطوعية تتم وفقًا للمبادئ الدولية، حيث لا يُسمح بإعادة أي شخص قسرا. أشار المكتب إلى أهمية ضمان مستوى معيشي لائق للعائدين وكيفية إعادة إدماجهم في مجتمعاتهم بشكل يُحترم كرامتهم الإنسانية. كما تتم عمليات العودة تحت إشراف المنظمات الدولية لضمان مراقبة مستقلة.
في الختام، يمكن القول إن الاتفاقية بين تركيا والعراق تمثل نقطة تحول للعراقيين المقيمين في تركيا. وبينما يمكن أن تفتح هذه الاتفاقية آفاق جديدة للأمل، يبقى التحدي الأكبر في كيفية تنفيذها على أرض الواقع، وضمان أن يتم التعامل مع الجميع بكرامة واحترام، سواء كانوا راغبين في العودة إلى بلادهم أو الذين يفضلون البقاء.